সায়েফ মুহান্নাদ
al-Sayf al-muhannad fi sirat al-Malik al-Muʾayyad
জনগুলি
الشيخونية ، والمرتب على الديوان المفرد بجملته ، والمرتب على الجوالى بجملته زيادة على ما بيده من الوظائف الدينية القديمة وكان السلطان الملك الناصر حسن قد أنعم على الشيخ الإمام العلامة الإتقاني قوام الدين بالتدريس في الجامع الماردينى ومرتبه يناهز ثلاثمائة درهم ، وكان الناس يضربون به المثل ، وأن الأمير شيخون قد فوض مشيخة خانقاته إلى الشيخ أكمل الدين البابرتى ، وكان هذا أمرا عظيما عند الناس ، وكذلك الأمير صرعتمش فوض مشيخة مدرسته، إلى الشيخ
الإمام العلامة قوام الدين الإتقاني ، وكان في ألسنة الناس أمرا عظيما . فاطلب الفرق بين هذا وبين ما فعله مولانا المؤيد بواحد من العلماء المذكورين تجدة كما بين السماء والأرض ومن جملة تعظيمه للعلم والعلماء شرع فى بناء مدرسة وجامع بحذاء باب الزويلة ، وكان شروعهم في هدم خزانة الحبس والأملاك المجاورة لها فى العشر الأول من ربيع الأخر من سنة تمانى عشرة وثمانمائة ، وكان الشروع في حفر أساسها يوم الخميس الرابع من جمادى الأخرى من السنة المذكورة ، ورتب فيها صناعا وبنائين ومهندسين وعتالين وفعلة وغيرهم من أناس كثيرين ، ورتب ذواب كثيرة من الحمير والجمال برسم نقل الأتربة والحجارة والطين وغير ذلك ، ولقد سمعت مولانا السلطان المؤيد نصره الله يقول ،: يصرف فى كل يوم برسم علائق دواب العمارة خمسمائة عليقة ، والمستول من الله تعالى إتمامها بفضله وكرمه - وهذا كله من غاية محبته للعل والعلماء ، واجتهاده فى إقامة منار الشريعة ، ورفع أهلها الأجلاء ، فالله تعالى يديم نعمه عليه ، ويسوق سحب فضله إليه
الفصل التاسع في استحقاقه السلطنة من حيث قربه من الناس وتواضعه واختلاطه بالعلماء والفقراء اعلم أن التواضع أمر ممدوح ، فإذا كان من الملك يكون أوقع فى المدح ، وقال صلى الله عليه وسلم من تواضع لله ألبسه الله حلل الكرامة يوم القيامة أما تواضع مولانا السلطان فأجل من أن يخفى على أحد ، قد علم بذلك جميع الناس ، وذلك لأنه يصل إليه كل من يقصده ولا يمنع من بابه ، ولذلك ازدحمت على بابه أهل العل والفقه والحديث ، وأصحاب الفضائل والنوادر ، وأصحاب سائر الصناعات الدقيقة ، بخلاف من كان قبله من الملوك ، فإنهم كانوا محجوبين ، وأهل الفضائل عنهم ممنوعين ، حتى إن أحدا من ذوى الحاجات ، أو من ذوى الفضل والأدب لو أراد أن يجتمع بواحد منهم لكان يحتاج إلى زمن طويل ، وإلى وسائط كثيرة من الناس ، ولذلك كانت أماكنهم خالية من العلماء ومجالسهم خاوية من الفضلاء
وأما اختلاطه بالعلماء والفقراء فظاهر . فلذلك كان يوم الأحد والأربعاء يجتمع عنده جماعة من العلماء وطائفة من الصلحاء ، يقعدون عنده - وهوفيما بينهم كأحدهم - من قبل العصر بساعة إلى قرب المغرب في القصر ، يتباحeون بالعلوم الشريفة ويتذاكرون من المسائل العويصة ، وهو يسمعهم وربما يشاركهم بلطف وأدب ، ثم إذا فرغوا يأمر بأن يسقوا من السكر المكرر المعد لنفسه فى سلطانيات كبار ، في كل سلطانية قطعة كبيرة من الثلج في أيام الصيف والهواجر ، وهذا شىء لم يفعله أحد من الملوك قبله ، وكذا يجتمع عنده في غالب ليالى الجمع جماعة من الفقهاء وطائفة من القراء والوعاظ ، فيقعد معهم إلى أنصاف الليالى ، فاقراء يتذون كتاب الله ، والعلماء يتباحتون بالعلوم ، والوعاظ ينشدون القصائد والموشحات ، ويمضى كل وقت لأيوجد له نظير ، وأعد لهم من الأطعمة المختلفة ، وامواكيل الطيبة والمشارب الرائقة ، والفواكه البديعة ، بحيث إنهم يأكلون من ذلك ويحملون ، وهذا شىء لم يفعله أحد قبله من الملوك ، ومع هذا يحين إلى كل واحد منهم بحسب ما يليق بحاله . ومن جملة من أحسن إليه مؤاف هذه السيرة المؤيدية من ذهب وفضة ، وخلعة بتقريره في الجسبة الشريفة
بالقاهرة المحروسة ، ثم بخلعة أخرى بتقريره في نظر الأحباس بالديار المصرية ، وكل ذلك كان منه على المؤلف أنعاما ، فنرجو من الله تعالى دوام سعادته ، وطول أيامه ، إنه على ذلك قدير
الفصل العاشر في استحقاقة السلطنة من حيث تعينه لها لانفراده في زمنه لعدم يدانية أو يقاربه أعلم أن الشخص إذا انفرد بأوصاف وتعين بها لاستحقاق وظيفة من الوظائف يجبا عليه أن يقبل تلك الوظيفة لتعينه لذلك ، حتى إذا لم يقبل وتولى من لم يتعين لذلك أثم كلاهما ، أما المتعين فلتركه الواجب عليه ، وأما الأخر فلإقدامه على أمر غيره أولى بتعيينه فيه ، مع عدم قدرته على أداء حقوق ذلك الأمر ، وسواء كانت تلك الوظيفة وظيفة قضاء ، أو ولاية على موضع ، أو سلطنة على إقليم ، أو وظيفة تدريس أو مشيخة ، وغير ذلك من الأسباب فإذا تولى وظيفة من هو غير أهل لها أو عاجز عن أداء حقوقها يظهر منه فساد عظيم ، ويختل نظام أمور المسلمين ، وقد فسدت بلاد كثيرة بتولية من لأيصلح المولاية ، يقف على ذلك من ينظر فى تواريخ الملوك والحكام ، ولا ينكر ذلك إلا معاند فمن ذلك عرفت أن مولانا الملك المؤيد قد كان معينا
للسلطنة ، والسلطنة كانت متعينة له ، لوجود شروط السلطنة فيه . وقد ذكرناها فيما مضى ، وإنما قلنا إن السلطنة قد تعينت له وهو قد تعين لها لانفراده في زمنه في المملكة الإسلامية وأهل مملكتها من الترك والجركس والروم أما من الترك فظاهر ، ومن الروم كذلك ، فإنه لم يكن فى هاتين الطائفتين أحد يمائل مولانا المؤيد ولا يدانيه ولا يقرب منه ، لوجود الصفات المذكورة في مولانا المؤيد وعدمها فيهم ، مع شهرته العظيمة ، وبعد صيته فى البلاد ، وعند ملوك الأطراف ، وتقدم الويلات له فى القلاع الإسلامية والبلاد الشامية والحلبية والصفدية والطرابلسية والكركية وغير ذلك كما ذكرناه .
وأما من الجركس فكذلك لم يكن فيهم من يشامه ولا يقاربه وأما ما كان من نوروز فإنه لم يكن أهلا لأن يكون حاكما ، لأنه كان عسوفا جبارا متكبرا غضوبا سريع الغضب بطىء الرجوع . والغضب هو عدو العقل وآفته ، ولم يكن في غضبه مائلا إلى جانب العفو ، بل كان مصرا على الانتقام ومولانا الملك المؤيد بخلاف ذلك لأنه حليم رحيم متواضع بطىء الغضب ، سريع الرجوع ، مائل في غضبه إلى جانب العفو ، غير مويد للانتقام ، فلذلك قدمه الله عليه وعلى غيره
على رغم آنافهم ، وكساه حلة السلطنة ، وزين به مملكة الإسلام ، وأقام به منار الشرع والعدل ومن جملة تواضعه أنه كان عنده جمع من العلماء ، وزمرة من الفضلاء يوم الأحد مستهل جمادى الأولى من سنة تسع [ عشرة] وثمانمائة ، وكانوا يتذاكرون في المسائل الفقهية والعلوم الشريفة إلى أن انتهى كلامهم إلى ذكر الخطبة وحال الخطباء ، فعند ذلك أمر مولانا السلطان المؤيد لخطيبين كانا هناك من أكابر الخطباء وهما الشيخ زين الدين أبو هريرة بن النقاش خطيب جامع أحمد بن طولون ، والشيخ شهاب الدين بن حجر ، أبهما إذا كانا يخطبان وهما قائمان على ذرجة من ذرجات المنبر ينزلان إلى ذرجة أسفل من تلك الدرجة عند وصولها إلى ذكر اسمه تعظيما لاسم الله سبحانه وتعالى ، وتوقيرا لاسم النتي صلى الله عليه وسلم ، حتى لا يتساوى اسمه مع اسم الله واسم رسوله عند الذكر فى
مكان واحد ، فهذا يدل على غاية حسن الاعتقاد ، وغاية تواضعه ، فمن يكون هذا اعتقاده ، وهذه الصفات الحميدة صفاته كيف لايستحق السلطنة » وهذا الذى أمر به للخطباء شىء لم يفعله أحد من الملوك لا من المتقدمين ولا من المتأخرين ، فإن أردت صدق ذلك فانظر فى توازيخهم وسيرهم ، فلهذه الأمور اختاره الله تعالى لهذا المنصب العظيم ، وجعله نائب رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسلكه في زمرة من سلكهم في ظله حيث قال نبيه الكريم ، عليه أفضل الصلاة وأشرف التسليم .
অজানা পৃষ্ঠা