أما قوله تعالى : (( بل يداه مبسوطتان )) [ المائدة : 64 ] ؛ فمعناه نعمته والتثنية جائزة كما نص عليها صاحب الصحاح وغيره ، وكما قال صلى الله عليه وآله وسلم في يأجوج ومأجوج : لا يدان لأحد بقتالهم . أي لا قدرة ولا طاقة (1) .
إن قلتم : حملها على الحقيقة لا يضر، والإشتراك في الصفات لا يستلزم تماثل الموصوفات فيما اشتركت فيه .
قلت : فما هو المشترك بين يد ورجل وساق وجنب وأصابع وحقو وسمع وبصر الله وبين يد ورجل وساق وجنب وأصابع وحقو وسمع وبصر الإنسان؟ فهل هو اشتراك في الاسم فقط؟ فهذا لا غبار عليه، لأن يد الإنسان هي الجارحة ويد الله هي نعمته أو قدرته، أم انه اشتراك في الصفة؟ فأخبرونا عن هذا الأمر المشترك وإن تفاوت فيه، ما معنى اشتراكهما فيه وكيف يشترك في صفة مع عدم التماثل فيما اشتركا فيه وإن تفاوتا فيه؟ فإن حاسة السمع عند زيد مثلا وإن كانت بمقدار 1
وعند عمرو 100
متماثل وإلا لما صح القول بالاشتراك مع تغير معنى اليد والرجل والساق وغيرهما في حق الله تعالى، مع معنى اليد والرجل والساق وغيرهما كليا في معنى واحد.
لأننا نقول : إنه صحيح أن الحيوانية المجردة ليست موجودة إلا في الذهن ، لكن عدم وجود الحياة في زيد والفرس وغيرهما من أفراد الحيوان العاقل مكابرة للعقل، هذه الحياة التي يجمعهما حقيقة واحدة وحد واحد .
فإن أفراد الحيوان متصف بالحيوانية وهي أمر يشترك فيه كل أفراده، والحيوانية في كل فرد من الحيوانات صفة يتصف بها الحيوان العقل وغير العاقل، وموجودة في كل أفراد الحيوان، والحيوانية في كل فرد متماثلة .
فإذا كانت الكليات حاصلة في الأذهان ولا وجود لها في الخارج مع عوارضها الغير ذاتية فمن أين تحققت الكليات؟ ويلزم أن حقيقة الإنسان والحيوان وغيرهما من الكليات تبطل وتنعدم حال مقارنتها للعوارض الموجودة بالإنسان والحيوان.
পৃষ্ঠা ২৬