رأيت في عينيها خوفا وقلقا، لا أعلم كيف يتمكن رجل في هذا العالم أن يؤذي امرأة لهذا الحد. مضيت إلى مكتبي ووافقت على طلبها، لكنني لن أتركها وشأنها، سأدعها ترتاح قليلا فحسب. ساي، كوني بخير وعودي لي بسرعة.
هيروكي
أتت حفلة آخر السنة، ومجددا، أرسلت الدعوة إلى جميع الموظفين، هذه المرة جاءت الإجابة بنعم. علمت فيما بعد أن الجميع قد أرسل لها وطلب منها أن تكون موجودة في الحفل، فالجميع قد اشتاق إليها. فمنذ شهرين وهي لا تأتي إلى المركز، بل تقوم بأعمالها من بلدتها، فترسل وتستقبل كل المعلومات وتقوم بمقابلاتها مع الجميع عبر وسائل الاتصال. لم أزعجها طيلة هذه الفترة، علها تعود إلى المركز فأراها. كنت أرسل إليها رسالة واحدة فقط كل أسبوع لأطمئن عليها، من غير أن أطيل عليها أو أضايقها بمشاعري. كنت أتساءل: إن كان الموظفون قد اشتاقوا إليها، فماذا أقول أنا؟
حين علمت أنها ستأتي إلى حفل آخر السنة، بدأت أعد الأيام عدا، إلى أن أتى يوم الحفل. عندما ذهبت إلى القاعة التي سنجتمع بها، رحت أنظر في كل الاتجاهات لأراها ، لكني لم أرها في أي مكان. بدأ الحفل وفجأة لمعت القاعة بضوء رآه قلبي قبل عيني، إنها ساي قد أتت. منذ شهرين لم أرها، كدت أترك كل شيء وأتوجه نحوها لأراها عن قرب وأتحدث إليها، لكني لم أرغب بإزعاجها. وكنوع من أنواع البروتوكولات توجهت ساي نحوي لتلقي السلام، فأنا المدير وصاحب الدعوة. - شكرا بروفيسور على دعوتك، أتمنى لك عاما جميلا. - شكرا لحضورك ساي، أسعدتني رؤيتك بصحة جيدة.
لم أطل حديثي معها أكثر، فلا المكان ولا الظرف يسمحان بذلك، جلست ساي على طاولة بعيدة عن المكان الذي أجلس فيه، لم تكن تتحاشاني كما لم تكن تود الحديث معي. تصرفت بشكل طبيعي. أما أنا فكنت أراقبها، فقد اشتقت إلى كل ما يصدر عنها، وعزمت أن أتحدث معها حالما ينتهي الحفل. كانت ساي بمزاج رائع، جعلت الحفل أجمل وأروع، ألقت الكثير من النكات، وأقامت العديد من المسابقات، وأشعلت القاعة حماسا، ثم لاحظت أنها على وشك الرحيل، كانت متجهة نحوي: بروفيسور، شكرا مجددا على الدعوة، أستأذنكم جميعا فعلي الرحيل الآن. - ساي، تمهلي قليلا، هناك بعض الأوراق التي أود أن أسلمك إياها. - سأتلقاها عبر البريد لا تزعج نفسك وتخرج من القاعة الآن.
شعرت أنها لا تود الحديث معي إطلاقا، فلم أشأ أن أزعجها بإصراري: حسنا كما تشائين. - وداعا!
ساي
عندما تلقيت دعوة البروفيسور هيروكي للحفل، وتلقيت عشرات الرسائل من زملائي في المركز، لم أشأ أن أخيب ظنهم جميعا، فقبلت الدعوة، كما أنه لا يوجد سبب لعدم قبولها؛ فالبروفيسور هيروكي يراعي مشاعري تماما ولا يزعجني إطلاقا، كل ما في الأمر أني أحاول أن أختفي من أمامه لأساعده على نسيان ما يفكر به حولي. سأكذب إن قلت إنني لا أشعر بالإحراج أمامه، بلى أشعر، خاصة أنه بات يرسل لي رسالة كل أسبوع ليطمئن علي من بريده الإلكتروني الخاص. كان ردي دائما مختصرا «أنا بخير» من غير أن أسهب أكثر.
في يوم الحفل، لاحظت أنه يود أن يحدثني؛ لذا تذرع ببعض الأوراق التي يود تسليمها لي، أظهرت له بشكل مباشر عدم رغبتي في أن أتيح له فرصة التحدث إلي، فلم يصر أكثر. لكن بعد أن ودعته ومضيت، جلست في سيارتي عدة دقائق ولم أنطلق. شعرت أني أود أن أسمع ما الذي ينوي قوله، فهو صديق عزيز علي ومنذ مدة طويلة لم أتحدث معه، وأنا سأسافر بعد يومين لقضاء أيام العطلة في جنوب أفريقيا، لكن ماذا سأفعل الآن بعد أن قمت بتوديع الجميع!
بقيت في سيارتي أفكر، ثم عرفت ماذا سأقول له، فاتصلت به. - ساي؟ - نعم هيروكي، لقد تذكرت أنني سأسافر بعد يومين؛ لذا سأعود للمركز الآن لأستلم تلك الأوراق إن لم يكن ذلك مزعجا! - مزعجا! أنت تعلمين أنه ليس كذلك، سأراك أمام مكتبي، متى تستطيعين الوصول؟ - بعد عشرين دقيقة. - سأكون بانتظارك.
অজানা পৃষ্ঠা