সওত আল-আকমাক: দর্শন ও মনস্তত্ত্বে পাঠ ও গবেষণা
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
জনগুলি
في جميع هذه الأحوال نجد أن غاية التسامح (أو الحرية) الممكنة هي دائما قدر محسوب وليس مطلقا؛ إذ لا بد للتسامح والحرية أن يكونا محدودين إن شئنا لهما أن يوجدا على الإطلاق! ومن البين أن التدخل الحكومي، وهو الضمان الوحيد لوجودهما، هو سلاح ذو حدين؛ فبدونه تموت الحرية، وبزيادته عن الحد تموت الحرية أيضا! وهكذا نجد أنفسنا نعود أدراجنا إلى ضرورة الضبط، والذي يعني إمكانية تغيير الحكومة بواسطة المحكومين كشرط أساسي للديمقراطية. غير أن هذا التغيير، وإن يكن شرطا ضروريا، ليس شرطا كافيا؛ فهو لا يضمن بقاء الحرية، إذ لا شيء يضمن بقاءها، فثمن الحرية هو اليقظة الدائمة. إن النظم أو المؤسسات، كما أشار بوبر، هي كالحصون: ليس يكفي أن تكون شديدة البنيان، بل يجب أن تكون أيضا مزودة برجال أشداء.
مفارقة الحكم (السيادة)
:
دأب الفلاسفة السياسيون بعامة أن يعدوا السؤال الأهم في مجالهم هو «من الذي ينبغي أن يحكم؟» ثم يبرروا جوابهم عنه كل حسب توجهه الخاص: شخص واحد، الشخص الحسيب، الغني، الحكيم، القوي، الخير، الأغلبية، البروليتاريا، إلخ. ولم يجل بخاطر أحد أن السؤال نفسه مغلوط! وذلك لأسباب عديدة: فهو أولا يفضي مباشرة إلى ما أسماه بوبر «مفارقة الحكم»: هبنا أسلمنا مقاليد السلطة ليد أكثر الناس حكمة، إنه قد تقتضيه حكمته العميقة أن يقول: «ليس أنا، بل الأحسن خلقا هو من ينبغي أن يحكم.» فإذا تولى هذا زمام السلطة فقد يقتضيه ورعه أن يقول: «لا يليق بي أن أفرض إرادتي على الآخرين، ليس أنا ولكن الأغلبية هي التي يجب أن تحكم.» وبعد تنصيب الأغلبية فإنها قد تقول: «نريد رجلا قويا يفرض النظام ويخبرنا ماذا نفعل.»
وثمة اعتراض آخر مفاده أن السؤال «أين يجب أن يكون الحكم؟» يفترض مسبقا ضرورة وجود السلطة النهائية في مكان ما. وهو غير صحيح؛ ففي معظم المجتمعات هناك مراكز قوى مختلفة ومصطرعة إلى حد ما وليس مركز واحد يمكنه أن يدير الأمور كما شاء. وفي بعض المجتمعات نجد النفوذ موزعا منتشرا على نطاق واسع. فإذا سأل سائل «نعم ولكن أين تقع السلطة في النهاية؟» فإن سؤاله يستبعد قبل أن يطرح إمكانية وجود ضبط على الحكام، حين يكون هذا الضبط هو أولى الأشياء جميعا بترسيخه. ومن ثم فهو سؤال يحمل في داخله متضمنات شمولية. إن السؤال الحيوي ليس «من يجب أن يحكم؟» بل «كيف نحول دون إساءة الحكم؟ كيف نتجنب حدوثها، وإذا حدثت كيف نتجنب عواقبها؟»
نخلص مما سبق إلى أن أفضل مجتمع يمكننا تحقيقه هو ذلك الذي يكفل لأعضائه أكبر قدر ممكن من الحرية، وأن هذا الحد الأقصى هو قدر منضبط تخلقه وتحفظه نظم مصممة لهذا الغرض ومدعمة بقوة الدولة. وهذا يستلزم تدخلا واسع النطاق للدولة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن الإفراط في التدخل أو التفريط فيه كلاهما يؤدي إلى نفس النتيجة وهي ضياع الحرية، وأن تجنب كلا الخطرين هو في التمسك بنظم معينة، أولها وأهمها جميعا الاحتفاظ بوسائل دستورية يتسنى بها للمحكومين تغيير من بيدهم مقاليد سلطة الدولة، واستبدال غيرهم ممن لهم سياسات مختلفة، وأن أي محاولة لإضعاف هذه النظم وإبطال دورها هي محاولة لتنصيب حكم شمولي ولا بد أن تمنع (بالقوة إذا لزم الأمر). إن استخدام القوة ضد الطغيان هو أمر له ما يبرره حتى لو كان الطغيان يتمتع بتأييد الأغلبية. والاستخدام الوحيد المبرر للقوة هو المحافظة على النظم الحرة حيثما وجدت وتأسيسها حيثما غابت. (4-2) مشكلة الطغيان
في معرض نقده للنظرية السياسية عند أفلاطون يعرض بوبر لفكرة الطغيان وهو متنبه لكراهية أفلاطون لحكم الأغلبية باعتباره حكم الرعاع أو حكم الأسوأ. ويخلص بوبر إلى أن المسألة ليست مسألة الشعبية، فبعض أصناف الطغاة يتمتعون بشعبية كبيرة ويمكنهم كسب الانتخابات بسهولة. والمجتمع المفتوح والليبرالي ليس مجرد حكومة منتخبة شعبيا، ولا المسألة مسألة العدل والخير؛ إذ ليس في ذلك ما يقدم ضمانا ضد طغيان يعيش باسم العدل والخير. ووفقا لنظريته في العلم، وفي المعرفة بعامة، يقترح بوبر «مسارا سلبيا»؛ إذ ليست المسألة مسألة ما هو النظام الذي نريده، بل ماذا نفعل للأنظمة التي لا نريدها. ومشكلة الطغيان هي أن المواطنين لا يملكون طرقا سلمية يتخلصون بها منه إذا أرادوا ذلك؛ الأمر الذي حدا بكارل بوبر إلى أن يقدم معيارا للديمقراطية أصبح شائعا ومتفقا عليه: «الديمقراطية هي ذلك النظام السياسي الذي يتيح للمواطنين أن يخلصوا أنفسهم من حكومة لا يرغبونها، دون حاجة إلى اللجوء إلى العنف.»
وهو يعرض سؤال أفلاطون «من الذي ينبغي أن يحكم؟» (وجميع الأسئلة الشبيهة) ويبين أن السؤال نفسه يحمل متضمنات شمولية، مفادها أن أيا من كان هذا الحاكم فهو «أهل للحكم»، ويستبدل بهذا السؤال سؤالا عمليا هو «كيف يمكننا أن نتخلص من الحكومات السيئة بدون عنف؟» وهو سؤال يتضمن أن الحكام هم في حالة «تعهد»
parole
مستمرة، هو ما يعني أن بوبر ينظر نظرة متشائمة إلى الحكومات ويراها عاجزة بدرجة أو بأخرى وقمينة بإساءة استخدام السلطة، ولا يكبحها عن هذا إلا نظام سياسي يسمح لها أن تحكم في حدود احتمال مواطنين بإمكانهم سحب تأييدهم له في أي وقت. وحتى هذا غير كاف؛ فنظرياتنا في المؤسسات والنظم غير معصومة، والحكمة تفرض علينا اليقظة الدائمة. (4-3) الهندسة الاجتماعية الجزئية
অজানা পৃষ্ঠা