সওত আল-আকমাক: দর্শন ও মনস্তত্ত্বে পাঠ ও গবেষণা
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
জনগুলি
تخيل معي نظاما ملتزما تماما برفاهية من يحكمهم، وتخيل معي، رغم كل المصاعب العملية، أنه نظام ذكي صادق شجاع وغير مضطر إلى التعامل بأي صورة من الصور مع أي من التكتلات الدولية التي تسود العالم الحديث، وتخيل أيضا أن هذا النظام يهدف في النهاية إلى أن يغرس الديمقراطية والقيم الليبرالية في البلد الذي يحكمه، ولكن افترض فقط أن هذا النظام يدعي أنه «في هذه المرحلة» هو النظام الوحيد الناطق بلسان المصلحة العامة والجماعة الوحيدة في المجتمع التي تعرف معنى الحقيقة والعدل. ماذا تكون النتيجة؟ النتيجة هي استحالة وجود توجه ديمقراطي. لقد وصف هذا الموقف بطرق عدة؛ كحب للحرية والمساواة والأخوة، وكاحترام لكرامة الفرد، واحترام دائم للحقوق الفردية. هذه الأوصاف ليست خطأ ولكنها نظرية بدرجة مفرطة؛ فالموقف الديمقراطي في حقيقة الأمر، هو، ببساطة، مزيج من حسن النية تجاه الآخرين والاعتقاد العامل باحتمال تمتعهم بالعقلانية. هذا هو ما يدمره النظام السياسي الاستبدادي، فما إن تسيطر على مجتمع فكرة أن زمرة معينة هي التي تستأثر بالحكمة كلها حتى ينقسم هذا المجتمع إلى قسمين: قسم مستنير وقسم دون ذلك. وحتى يقوم القسم المستنير بتحديد من سوف يتقلد عضوية المؤسسة الحاكمة. ومثل هذا الوضع في أي دولة حديثة يحول دون نمو الثقة المتبادلة بين جماعاته المتعارضة، تلك الثقة التي تعد شرطا أساسيا لنمو مجتمع سياسي قوي وحر في الوقت نفسه.
والتنافس الذي يحدث في النظام الديمقراطي هو مثال للتنافس التعاوني. إنه نضال يعمل كلا طرفيه على الإبقاء على الشروط اللازمة للنضال المهذب، وهو بالتالي يقوم على افتراض أن ليس ثمة صراعات مستعصية على الحل، وأن من الممكن دائما تسوية الخلافات والتفاوض فيها إذا صحت عزيمة الناس. مثل هذا النظام يتطلب أن يعامل الناس بعضهم بعضا بصدق وأن يبذلوا جهدا مخلصا للتوصل إلى اتفاقات وأن يصونوا هذه الاتفاقات بعد أن يتوصلوا إليها. وهذا النظام يقتضي منهم أن يدرك كل طرف أن الطرف الآخر له مصالحه وأن يكون على استعداد لتقديم تنازلات من أجل هذه المصالح ما دامت لا تصطدم بالمبادئ الأساسية. ليس معنى ذلك أن الخلق الديمقراطي يدعو أصحابه إلى أن يكونوا حمقى وأن يفترضوا أن خصومهم قد ألقوا بكل أوراقهم على الطاولة. غير أن التنافس الديمقراطي يغدو مستحيلا إذا فشل أطرافه في استيعاب أن خصومهم سوف يدركون انتصارهم إذا فازوا، وسوف يتعاونون معهم بعد ذلك. أما عقد النية على إفناء المعارضة أو على الانتصار بأي ثمن كان، فهو يدمر أي احتمال للصراع المنظم. بهذا المعنى تكون الديمقراطية مرانا خلقيا لحسن النوايا. إنها نظام يجعل من الممكن للبشر، لا أن يحبوا أعداءهم، بل على الأقل أن يعيشوا دون خوف منهم. هذا الصنف من الثقة المتبادلة بين الخصوم هو ما تحطمه النظم التسلطية.
لا جرم تبدو هذه الحجة ممعنة في الطيش عند من يعيشون في المجتمعات التي مزقها انعدام الثقة قرونا عدة، والتي لم تعرف كلمة «حكومة» إلا كمرادف للقسوة والتضليل. إذا نجح مثل هؤلاء في تنصيب أنظمة ديمقراطية في بلادهم، فسوف يفعلون ذلك بتمييز خصومهم وعدم الثقة بهم. ولكن العنف الذي يصاحب أي ثورة اجتماعية عميقة (ما دام شرا لا بد منه، وما دام محدودا بحدوده) غير العنف حين يكون مذهبا يفترض أن من المحال على الناس أن يتعاونوا ما لم تكن لهم نفس المصالح والأفكار. مثل هذا الافتراض، كما تشير كل الأدلة، يشجع على تبني الإرهاب كسياسة رسمية، ويحكم على المجتمع مدى الحياة بالخضوع لسلطة احتكارية لا تداول فيها ولا تبديل. وفي المجتمع الحديث حيث تتعدد الفئات السكانية، بل حقا في أي مجتمع شرع في حركة التحديث، فإن مذهب العصمة الحكومية يمرس الناس بالشك والمؤامرة. ربما سيحقق لهم هذا المذهب بعض الأهداف ويجني لهم بعض الثمار، غير أن مذاقها تحت الظروف سيكون مذاقا مرا.
ولا يقتصر مذهب العصمة على تدمير النوايا الحسنة، بل يتنافر أيضا مع الاعتقاد في عقلانية الآخرين . أما اتخاذ الموقف الديمقراطي فيعني أن تمضي قدما وأنت تفترض احتمال أن يكون للآخرين مبررات مقنعة للتفكير بالطريقة التي يفكرون بها، فإذا ما اختلفوا معك في أمر فإن اختلافهم لا يجعلهم بالضرورة مستحقين للتقويم والإصلاح. هذا هو المعنى البسيط للقول الذي يتردد كثيرا بأن الديمقراطية تؤمن بعقلانية البشر وتساويهم، وهو إيمان لا يعني الإقرار بأن جميع البشر عقلانيون أو أنهم سواسية من حيث عقلانية التفكير والمعيشة. إنه في حقيقة الأمر «إيمان براجماتي»؛ بمعنى أنه يعبر عن سياسة أو نهج، هذا النهج هو ببساطة أن تعترف بعقول الآخرين وأذهانهم الخاصة (وتعدهم مسئولين عن أفعالهم) ما لم يثبت عكس ذلك ببراهين قوية ومحددة تماما. مثل هذا الأسلوب يتيح مساحة للفردانية ومتنفسا للطباع الشخصية الخاصة، وتسمح لألوان الذكاء البشري أن تبرز وتكشف وتستخدم.
وأخيرا فإن من يسأل نفسه لماذا يجب أن أختار الديمقراطية فإنما يسألها أن تقرر مع أي نهج من النهجين يود أن يعيش: مع النهج القائل بأن رفاقه خطرون عليه وعلى أنفسهم، أم القائل بأنهم عقلاء ما لم يتكشف خطرهم ويسفر عن وجهه. إن لكل من المسلكين مخاطره؛ لماذا ينبغي على المرء أن يختار أحدهما دون الآخر؟ بإمكان المرء أن يجد أحد الأسباب إذا سأل نفسه عن العواقب التي يؤدي إليها المسلك المتبع تجاه المشاعر الأولية التي سوف يضمرها نحو رفاقه، لا في عالم مغاير يتوسمه، بل هنا والآن. إن ميزة النهج الديمقراطي هي أنه يخلق المشاعر الديمقراطية؛ فأولئك الذين يريدون أن يروا كل إنسان ينعم بملكيته الخاصة، ويؤمنون بأن الناس في نهاية المطاف سوف يعاملون بعضهم بعضا بالاحترام والأخوة التي يبديها الند للند، إنما يطلبون الديمقراطية باسم هذه الفضائل والتوجهات الأخلاقية. ولعل السبب النهائي لاختيار المنهج الديمقراطي هو أنه يقدم أرضا للتدريب، هنا والآن، على هذه التوجهات بالتحديد. (3) «عن الحرية»: جون ستيوارت مل
إنما الفرد على نفسه وبدنه وعقله سلطان.
ج. س. مل (3-1) الصراع بين الحرية والسلطة
مل المقام فكم أعاشر أمة
أمرت بغير صلاحها أمراؤها
ظلموا الرعية واستجازوا كيدها
অজানা পৃষ্ঠা