সওত আল-আকমাক: দর্শন ও মনস্তত্ত্বে পাঠ ও গবেষণা
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
জনগুলি
الترجمة إذن تجعلنا على وعي بالتعارض القائم بين عالم فهمنا الخاص وبين عالم الفهم الذي يمضي فيه العمل. وإذا كان الحاجز اللغوي يبرز هذا التعارض ويجعل وجود هذين العالمين أكثر وضوحا فإن وجودهما قائم في أي تأويل لعمل مكتوب بلغتنا نفسها، بل قائم في حقيقة الأمر في أي «حوار» أصيل وبخاصة إذا كان طرفا الحوار يفصلهما فاصل جغرافي.
والترجمة لا تكون نسخة عن أصل، وإنما نسخة عن نسخة؛ لأن النص الأصلي ليس أحادي التأويل، ولأنه ينطوي على فائض من المعنى، فما إن تتم كتابة النص حتى يدخل في دوامة التأويل اللامتناهية، وحينئذ لا يبقى معنى للترجمة كنسخة طبق الأصل، فأي أصل هذا الذي ستأخذ به عملية الترجمة؟ إنها لا بد أن تنتقي نسخة ما عن الأصل لكي تترجمه. وحينئذ ستغدو الترجمة نسخة عن نسخة، وتأويلا لتأويل.
42
هيدجر وجادامر وبلانشو
ذهب الفيلسوف المعاصر مارتن هيدجر إلى أن اللغة هي الفاعل الحقيقي الذي يقف وراء عملية التفكير نفسها؛ هي التي تفكر! هي التي «تقول الإنسان»! فحين يصبح الفهم صريحا كتأويل، كلغة، فإن ثمة عاملا إضافيا خارجا عن ذات الإنسان يعمل عمله ويمارس تأثيره؛ ذلك أن اللغة «تضمر داخلها منذ البداية منحى من الفكر كاملا مكتملا، وتنطوي على طريقة في النظر إلى الأشياء تامة التكوين مكتملة «المعالم».» وفي أعماله المتأخرة يؤكد هيدجر بدرجة أكبر تلك الصلة بين اللغة والوجود، حتى ليصبح الوجود ذاته لغويا! في كتابه «مدخل إلى الميتافيزيقا» يقول هيدجر: «إن الكلمات واللغة ليست لفائف تعبأ بها الأشياء لكي يتبادلها أولئك الذين يكتبون أو يتحدثون، إنما في الكلمات واللغة تدخل الأشياء إلى الوجود للمرة الأولى وتنوجد وتكون.» هذا هو المعنى الذي ينبغي أن نفهم عليه قول هيدجر المأثور «اللغة هي بيت الوجود.»
يرى هيدجر أن للتسمية (اللغوية) فعل خلق وإنشاء، وحين لا يجد المرء كلمة تترجم خبرته فلا جدوى للخبرة ولا قيمة، وربما لا وجود لها على الإطلاق، فالأسماء هي التي تحضر الأشياء وتمدها بالوجود والثبات، وهي التي تسبغ المعنى على الخبرة وتجعل الخبرة «تصبح ذاتها» على حد قول بول ريكور. وبدون ترجمة الخبرة إلى لغة تبقى الخبرة محبوسة في عالم الذات (أو العالم 2 بتعبير بوبر)، وفور الصياغة اللغوية تنعتق الخبرة من عالم الذات وتنتقل إلى عالم «المعرفة الموضوعية» أو العالم 3 بتعبير بوبر.
ويذهب هانز جيورج جادامر، تلميذ مارتن هيدجر، إلى أن اللغة والفكر شيء واحد. ويرفض فكرة اللغة ك «علامة»
sign ، فاللغة عنده «وسط»
medium
يغمر كل شيء ويحيط بكل شيء يمكن أن يصبح موضوعا لنا. أن ترى اللغة أداة للتأمل البشري، أو ترى الكلمات أدوات للذات، هو أشبه بأن تجعل الذيل يهز الكلب! «اللغة التي تحيا في الكلام، اللغة التي تغمر كل شيء وتحيط بكل مفسري النصوص، تلتحم بعملية الفكر التحاما، بحيث لا يبقى في يدنا شيء لو أننا انصرفنا عما تسلمنا إياه اللغة في المضمون وأردنا التفكير في اللغة كشكل. لم تزل لا شعورية اللغة هي أسلوبها الحقيقي الأصيل في الوجود.» بهذا المعنى يمكن القول بأن الخبرة اللغوية بالعالم هي «مطلق» من المطلقات، وما من موضوع للمعرفة إلا هو مشمول باللغة وواقع داخل أفق اللغة. ولنا أن نسمي هذه الحقيقة «الصبغة اللغوية
অজানা পৃষ্ঠা