1
يلتقطه بعض السيارة
2
إن كنتم فاعلين (سورة يوسف: من آية 8-10).
أرأيت المؤامرة كيف دبرت. أنت بطبيعة الحال تعرف القصة، ولكنك مع ذلك مشوق أن تعرف كيف سارت الأمور بعد ذلك. أنت بطبيعة الحال تعرف القصة، ولكنك لا شك واجف على يوسف، مشفق عليه. أتستطيع أن تتصور نفسك من المسلمين الأوائل متحلقا مع صحبك حول النبي تستمع. ماذا أنت فاعل حين يسكت النبي عند هذه الآيات؟ لا شك أنك ستظل ساهرا الليل والليالي حتى يصل الوحي ما انقطع من القصة، لتعرف ماذا تم بشأن يوسف. وأنت يومذاك لا تعرف يوسف. وأنت يومذاك لم تسمع به قبل، ولكنك حين تسمع هذه الآيات يصبح يوسف جزءا من حياتك، تذكره في مضطرب يومك. وفي هدأة ليلك، وتريد أن تعرف ماذا فعل به إخوته .. هل قتلوه؟ هل ألقوه في غيابة الجب؟ هل التقطه السيارة؟ هل نجا؟ هل مات؟ لقد أصبحت شخصية يوسف شخصية حية في محيط حياتك، تعرفها وتناجيها وتسألها لعلها تجيبك.
ثم أرأيت الأسلوب الفني في العرض؟ أبونا يحب يوسف .. اقتلوا يوسف .. مقدمة ونتيجة .. جملة حوار أعقبتها جملة أخرى .. قال الإخوة جميعا الجملة الأولى. أما الثانية فلم تذكر الآية قائلا لها. ولكننا نحس أنها رغبة الإخوة جميعا .. إلا أن واحدا منهم هو أكثرهم تعقلا .. لا تقتلوا يوسف .. إنه حوار قصصي في قمة الحوار القصصي. ماذا بعد هذه المؤامرة؟
قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون * أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون * قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون * قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون (سورة يوسف: من آية 11-14).
انتقلت القصة نقلة سينمائية مباشرة من تدبير المؤامرة إلى تنفيذها، وانتقل السر دون أي إطالة إلى الأب، ويحذرهم الأب، ولكنهم خبثاء يمكرون، فهم يظهرون الحب لأخيهم. يريدون أن يرتع ويلعب وهم له لحافظون. والأب أب للجميع، تراوده الهواجس، ولكنه مع ذلك يتمنى أن تكون هواجس كاذبة، ويتمنى أن يحب الإخوة أخاهم الذي يكن له الحب والأثرة، وهكذا تنتقل الآية في نقلة سينمائية أخرى.
فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون (سورة يوسف: آية 15).
تمت المؤامرة إذن، ولكن الله اللطيف بمن يجتبيهم يوحي ليوسف أنك ستنبئهم بأمرهم هذا. إذن فقد اطمأن يوسف أنه سيعيش، فلا خوف إذن ولا هلع، بل لقد بشره ربه أنه سينبئ إخوته بهذا الذي صنعوا دون أن يتوقعوا.
অজানা পৃষ্ঠা