فقال ضاحكا: ليس في الحال، ولكن بعد زفة بسيطة.
فسرت في جسدي رعدة وهتفت في هلع: كلا .. كلا .. اتفقنا على ألا تكون زفة! - ليس الأمر كما تتصور، فقد أقمنا في الصالة الكبيرة منصة للعروسين، فتجيء بعروسك وتجلسان عليها .. الجميع يريدون أن يروا العروسين، فما ذنبي أنا؟!
كان كلامه ينقلب في مخيلتي صورا، فرأيتني أمشي وسط الجميع إلى حجرة العروس وأعود بها والمدعوون يحيطون بنا مهللين، ثم نجلس فريسة للأعين! .. رباه .. سأقع مغمى علي.
وقلت بحرارة: ولكن هذه الزفة! .. ليس في مقدوري! .. أرجو يا بك أن تعفيني .. لا أستطيع! - الأمر أسهل مما تتصور، ولا بد مما ليس منه بد، وإلا ماذا يقول المدعوون؟!
فهتفت في فزع: دعهم يقولوا ما يقولون. لا أستطيع .. سأنتظر العروس على بسطة السلم ثم نذهب إلى بيتنا!
ولم يتمالك الرجل نفسه فضحك وصاح بي حتى علا صوته على صوت المغني: بسطة السلم .. يا لك من عريس عجيب!
وكان مدحت يصغي إلينا صامتا، فضغط على ذراعي وقال لي بحزم: ما هذه الأفكار الصبيانية؟! .. ألا تريد أن تجيء بعروسك؟! ألا تستطيع أن تشق طريقك بين نخبة من السيدات الفضليات؟ أتريد البك على أن يعتذر عن عدم ظهورك بأنك خجول لا تستطيع الظهور أمام المدعوات؟! وافضيحتاه!
وتشجع جبر بك بكلام شقيقي، أما أنا فحدجت أخي بعينين غير مصدقتين، لم أكن أتصور أن تجيئني الطعنة القاتلة من اليد التي أعتمد عليها. وضحك أخي لفزعي وذهولي، وأراد أن يتكلم؛ ولكني قاطعته محزونا يائسا: كيف تدفعني إلى ما لا قبل لي به؟ أتريد أن تجعلني أضحوكة المدعوات؟!
وتأثر جبر بك للهجتي الحزينة البائسة، فقال برقة: المدعوات جميعا من الأهل، وقد تعرفت إليهن يوم الخطبة، وسترى صدق قولي!
لم يزل الفزع يتملكني، وتناهى بي الضيق فقلت بتوسل: نشدتكما الله أن ترحماني!
অজানা পৃষ্ঠা