وازدردت ريقي وأنا أرمق الرجل بنظرة طويلة، ولما وجدته غير قانع بما سمع استطردت قائلا: الواقع أن هذا الطبيب إخصائي في الأمراض التناسلية، فهل يجوز أن يجري عملية جراحية؟ وإذا انتهت هذه العملية بالوفاة ألا يعد مسئولا عنها فيجب أن ينال جزاءه؟!
فصمت الرجل لحظة ثم سألني: هل نقلت إلى مستشفى؟ - كلا .. أجريت العملية في البيت حيث ترقد ميتة للآن. - من الذي استدعى الطبيب؟ - حماتي. - وكيف استدعت طبيبا تناسليا لا شأن له بمرض زوجك؟ - لقد سألتها نفس السؤال فقالت لي إنه أقرب الأطباء إليها، وإنها تظن أن الطبيب مهما كان اختصاصه، فهو يفهم الأمراض جميعا! - وهل هو الذي أشار بإجراء العملية؟ - نعم. - وهو الذي أجراها؟ - نعم! وقد سألته كيف يجري عملية جراحية على حين أنه ليس جراحا؟ فقال لي: إن الحال كانت تستدعي عملية عاجلة!
فتفكر الرجل مليا، ثم سألني: هل تتهم هذا الطبيب اتهاما معينا؟
فلم أفهم ما يعنيه، ورنوت إليه في حيرة دون أن أنبس بكلمة، فسألني: هل لديك من الأسباب ما يحملك على اتهامه بقتلها عمدا؟
فخفق قلبي، وهززت رأسي سلبا، فقال متسائلا: هل تشك في حدوث خطأ أثناء العملية أدى إلى الوفاة؟ - هذا جائز جدا يا سعادة البك، ولن يكون مجرد خطأ، ولكنه خطأ رجل ليس له خبرة بالجراحة، فمسئوليته لا شك فيها.
فعاود التفكير مرة أخرى ثم قال: لا أستطيع أن أفضي برأي قبل أن يفحص الطبيب الشرعي الجثة، ويوضح أسباب الوفاة.
فاستحوذ علي خوف وكآبة، ولم أطق تصور عبث الطبيب بالجثة، وفاض بي الألم فقلت: هلا استدعيت الطبيب للتحقيق معه أولا؟
فلم يحفل باعتراضي، وأمسك بسماعة التليفون وطلب رقما، ثم سمعته يحادث الطبيب الشرعي، ثم سألني عن عنوان البيت، وطلب إليه أن ينتقل إليه ليفحص الجثة ويكتب تقريرا عن سبب الوفاة، وأنهى الحديث ثم التفت نحوي قائلا: إذا كان ثمة مسئولية جنائية فسأذهب للتحقيق.
وغادرت دار النيابة بعد إتمام الإجراءات الرسمية وقد فقدت تهوري، فاستشعرت خطورة ما أقدمت عليه. ليس الأمر لعبا، إنه نيابة وطبيب شرعي وبوليس وفضيحة وقيل وقال، وقد يتمخض التحقيق عن لا شيء فلا يبقى لنا إلا الفضيحة والقيل والقال، بأي وجه ألقى الناس بعد ذلك؟ كيف ألقى أهلها وأهلي والناس جميعا؟! وألم يكف زوجي ما قدر لها من مصير تعيس حتى أجعلها معرضا للأطباء الشرعيين ومضغة للأفواه؟ واحر قلباه! هكذا عدت صوب البيت مثقل النفس بالهم والفكر، ولما طالعتني العمارة توقفت مترددا وقد أهاب بي نداء أن أنكص هاربا! ولكن لم يكن لي مهرب، ولم يكن بد من أن أتجرع مرارة الكأس حتى الثمالة!
ودققت الجرس، ثم دخلت واجما مستخذيا.
অজানা পৃষ্ঠা