سلم أمين من الضرب وهبط السلم يتهادى غير هياب ولا وجل! وألهمه الله أن يتشمخ بأنفه ويزجر البواب قائلا: أنتم تأكلون بغير عمل، أنتم لا تستحقون أجوركم ... لقد صفقت وناديت فما أجابني أحد، ولقد حاولت أن أراك لأسألك عن جناح فما اهتديت لك إلى شبح، ولو سكنت في هذا البيت لما أبقيت عليك!
فقبع البواب واستخذى، ولاح له أنه غانم سالم إذا انجاب هذا الرجل السليط سواء كان جاسوسا أو باحثا عن مسكن، وتركه ينفتل لطيبته وهو يتبعه بقوله: معذرة يا بك! لا بأس يا بك! حقك علينا يا بك!
وافترقا وكلاهما يحمد الله على النجاة.
إلا أن أمينا قضى منذ تلك الساعة على مستقبله في الرقابة مضروبا وناجيا أو غير ناج! فما كان في وسعه أن يتراءى وهو آمن على جلده «حول مكان الواقعة» كما يقولون في لغة الشرطة قبل أن تنصرم أيام وأيام ... وشاءت المصادفات إلا أن تكون الخسارة عظيمة، فإن عناء الرقابة قد ضاع بغير جدوى، وأن الإجازة قد قاربت الانتهاء.
القطيعة
حصلت القطيعة ولم تسفر الرقابة عن نتيجة.
حصلت ولم يردها أحد، ولم يغتبط بها أحد، كأنها مخلوق قائم بمعزل عن أبويه، تريد له بنيته المستقلة ما تريد ولا يريد لنفسه أو يريد له أبواه، يمرض وينحل ويموت وهو لا يريد الموت ولا يريده له القوامون عليه، بل كأنه الجنين الذي استوفى حمله فلا بد له من الظهور ولو ماتت أمه وانفطر قلب أبيه.
أولم يقل همام إنه لن يفرط في هوى سارة ولن ينفصل عنها إلا وهو واثق كل الوثوق من خيانتها، وعاجز كل العجز عن صيانتها؟
أولم يقل إنها حلية مونقة إن غلت سومت بكنوز الأرض وذخائر البحار، وإن رخصت هانت على السوام والصيان؟
أولم يقل ذلك ويعتزم العزم كله ويستجمع النية كلها على أن لا فراق ولا قطيعة إلا وقد عرف ما تساويه من قيمة وما تستحقه من غيرة وضنانة؟
অজানা পৃষ্ঠা