180

ولم يجب سانين على سؤال سارودين، بل ناول فلوتشين قبعته بخبث وكان هذا مفتوح الفم فخرج منه صوت مخنوق وصاح سارودين مغضبا: «ماذا تعني بهذا؟» وقال لنفسه: «فضيحة!»

فأجاب سانين: «أعني أن وجودك هنا لا ضرورة له على الإطلاق، وأنه يسرنا أعظم السرور أن لا نراك.»

فتقدم سارودين خطوة وهو مضطرب وأسنانه تلمع مهددة كأسنان الوحش وتمتم وأنفاسه مسرعة: «آه! أهذا كذلك؟»

فقال سانين باحتقار: «اخرج.» ولكن لهجته بلغ من هولها أن حملق سارودين وتراجع.

وقال فلوتشين بأخفت صوت: «لا يدري إلا الشيطان معنى هذا.» ورفع كتفيه ومضى إلى الباب.

ولكن ليدا كانت واقفة في حرم الباب وفي ثياب غير مألوفة، وكان شعرها مضفرا والضفيرة مدلاة على ظهرها وثوبها واسع مرسل فزادت بساطته في جمال شكلها.

وابتسمت فظهر الشبه بينها وبين أخيها وقالت بصوتها الرخيم الغض: «هذا أنا. لماذا تسرعان؟ فيكتور سارودين ضع قبعتك.» فصمت سانين ونظر إلى أخته مذهولا وقال لنفسه: «ماذا ترى تعني؟»

وما كادت تظهر حتى وجدوا لها تأثيرا خفيا رقيقا لا سبيل إلى مقاومته، فكأنها وهي واقفة هناك مروضة أمام قفص غاص بالوحوش الضارية، فهدأ الرجال وأذعنوا.

وتمتم سارودين: «هل تعلمين أننا ...»

فلما سمعت صوته ارتسم على وجهها الألم فنظرت إليه وخامرها الأسى والرقة والأمل، ولكن هذه الإحساسات لم تلبث أن عفت عليها الرغبة الوحشية في أن تري سارودين مبلغ خسارته، وأنها ما زالت جميلة وضاءة على الرغم من كل أساها وعارها اللذين كلفها إياهما.

অজানা পৃষ্ঠা