فهذا طرف مما قاله الأئمة فيه بعد أن استقصيت ذلك في مسألة السماع. وفي هذا كفاية في هذا الموضع، ثم تذكر بعد هذا ما قال فيه أئمة العارفين المتحققين والعارفين بموارد الأمور ومصادرها
فمن ذلك ما سمعت عبد الواحد بن بكر (124) يقول: سمعت محمد بن أحمد الزبيري (125) يقول: السماع حقائق بين الله تعالى وبين العبد، فإذا ورد في السماع وارد شاكل حاله تحركت الحقائق التي بينه وبين الله، فأوردت مع تحريكها الوجود، وهو ذوق القلب من ذلك النوع الذي العبد مراد
به ومخصوص.
سمعت الإمام أبا سهل محمد بن سليمان رحمه الله وسئل عن السماع فقال: المستمع بين استتار وتجل، فالاستتتار يورث التلهيب، والتجلي يورث التبريد، والاستتار يتولد منه حركات المريدين وهو محل الضعف والعجز، والتجلي يتولد منه سكون الواصلين هو محل الاستقامة والتمكين، فكذلك محل الحضرة ليس فيها (126) إلا الذبول تحت موارد إلهية. قال الله تعالى: ( فلما حضروه قالوا انصتوا) (127).
وسمعت عبد الواحد بن علي (128) يقول: في السماع مناظر وأخطار لا يحوزها إلا العلماء الربانيون الفانون عن نفوسهم وحظوظهم الراسخون في علم الغيوب، المشاهدون حقائق الأقدار بمجاريها على الأكوان لها وعليها فناء وبقاء وقبضا وجمعا وتفرقة.
سمعت أبا علي بكر محمد بن عبد الله الرازي (129) يقول: سمعت أبا محمد الجريري
(130) يقول: سمعت الجنيد يقول: السماع بين للمسلم المسلم وكشف للمؤمن، وتلويح
للمتيقن، ونزهة للعارف، وكل له مكانة.
পৃষ্ঠা ১১