وقال تبارك وتعالى لموسى فيها قبل وصيته لعيسى صلوات الله عليهما، والحمد لله على ما جعل من الرسالة فيهما: { وأقم الصلاة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخفيها } [طه:15]. فأخبر سبحانه بما جعل من ذكره بها وفيها، وإنما الذكر يقول من أجل ما فيها، من إجلال أمري وما يكون من القيام لها وإليها، من خواطر ذكري وإجلالي فيها، كما يقال فعلت ذلك لذلك، كذلك فرضت الصلاة لما قلنا من هذا، وكان ما قلنا من علل ما جعلت له الصلاة فرضا، ما يقول سبحانه لرسوله، صلى الله عليه وآله :{ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى } [طه: 132 ]. فكفى بهذا في تعظيم الصلاة تبيانا ونورا من كل ظلمة وعشوى، وكانت عند الله قربة من مصليها وطاعة ورضى.
وفي الصلاة وأمره بها ما يقول مرارا كثيرة رب العالمين، لمن استجاب له بالايمان من المؤمنين: { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله لعلكم ترحمون } [النور: 56]. وفيها وفي فرضها وتكريمها، وما ذكر من أمرها وتعظيمها، ما يقول سبحانه: { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون } [التوبة: 11]. فلم يعقد سبحانه الإخاء والولاء، إلا بين من زكى وصلى.
ومما يدل من فهم عن الله تبارك وتعالى على تعظيم، قدر الصلاة ما قال العليم الحكيم : { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم } [التوبة: 5]. فلم يزل - سبحانه وتعالى حكمه بتقتيلهم، ولم يأمر تبارك وتعالى بتخلية سبيلهم، وإن تابوا ولم يشركوا - حتى يصلوا ويزكوا.
পৃষ্ঠা ৪৪৮