(1) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم ذلك بل توعد عليه بعقوبة شديدة حيث قال : ( ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم ؟ فاشتد قوله في ذلك حتى قال : لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم ) أخرجه البخاري في الأذان باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة ، وهذا التوعد يدل على التحريم ، لكن الصلاة صحيحة ، تجزىء صاحبها وإبطالها من مبالغات ابن حزم .
(2) أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال : هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ) كتاب الأذان باب الالتفات في الصلاة ، وهذا الالتفات يحتمل معنيين : أن يلتفت بوجهه ويلوي عنقه ، والثاني أن يلحظ بعينيه دون أن يحرك رأسه ، أما الأول فداخل في النص ولا شك ، وهو مكروه إلا لحاجة ، قال الحافظ : ( وهو إجماع لكن الجمهور على أنها للتنزيه ، وقال المتولي : يحرم إلا للضرورة وهو قول الظاهرية ... والمراد بالالتفات المذكور مالم يستدبر القبلة بصدره أو بعنقه كله ) أي فتبطل الصلاة ، الفتح 2 / 234 ، وقد أخرج الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يلحظ في صلاته يمينا وشمالا ولا يلوي عنقه خلف ظهره ) ح587و588 وفي المطبوع : ( ويلوي ) بحذف لا النافية ، وهو خطأ طباعي لأن الشيخ أحمد شاكر لما تكلم عن الحديث في الحاشية أثبتها وكذلك هي في مسند أحمد وغيره بإثباتها ، قال الحاكم : ( الالتفات المباح أن يلحظ بعينه يمينا وشمالا ) المستدرك 1 / 237 ، ولا يخفى أن الاستدلال بفعله - صلى الله عليه وسلم - على جواز اللحظ فيه تجاوز ، أولا: لأنه يحتمل خصوصيته - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، وثانيا: أنه يحتمل الحاجة كما جاء أنه - صلى الله عليه وسلم - أرسل رسولا فجعل - صلى الله عليه وسلم - يصلي ويلتفت إلى الشعب ، ومحل البحث في الالتفات بلا حاجة ، لأنا لانقول ببطلان الصلاة ، وأما مع الحاجة فيجوز له الالتفات بعينه وبرأسه دون كراهة : واستدل له البخاري بقصة كشفه - صلى الله عليه وسلم - للستر في آخر حياته والتفات أبي بكر والمصلين له ، انظر فتح الباري 2 / 235 236 .
পৃষ্ঠা ৯১