সালাহ উদ্দিন আইয়ুবি
صلاح الدين الأيوبي وعصره
জনগুলি
وكان أول عهده بالعمل الجدي خروجه إلى مصر في صحبة عمه أسد الدين شيركوه في سنة 1164 للميلاد/559ه وسنه نحو ست وعشرين سنة. (2) الحملات إلى مصر
ذهبت الحملة الأولى إلى مصر لمساعدة شاور في أبريل سنة 1164م/559ه، وهزم الجنود الأتراك الذين مع شيركوه جيش ضرغام عند بلبيس، وسارت الجنود المنصورة إلى القاهرة، وهناك وجد ضرغام نفسه مخذولا وليس حوله من يثق به أو يركن إليه، وتخلى عنه الخليفة الذي كان لا يثبت في جانب وزير مقهور، وله في ذلك العذر؛ إذ لقد كان الوزراء أيام قدرتهم لا يرعون له حقا بل يجعلونه أشبه شيء بالأسير في قصره، وكانت آخرة ضرغام على يد شعب القاهرة؛ إذ ثار به فاحتز رأسه قرب مشهد السيدة نفيسة، وتم النصر لشاور منافسه.
على أن شاور بعد ذلك رأى الأمر قد تم كما أحب، فلم تعد به حاجة إلى حلفائه: شيركوه ومن معه، وكان قد احتاط لنفسه فجعل جيش شيركوه خارج القاهرة قرب النيل، ولم يتحرك إلى الوفاء بما كان قد تعهد به لنور الدين؛ فبدأت مشادة بينه وبين حلفائه السابقين أدت إلى أن أنفذ شيركوه ابن أخيه صلاح الدين إلى بلبيس كي ينزعها لتكون هي وإقليم الشرقية في يده رهنا، فأرسل شاور إلى «أمري» ملك بيت المقدس «أملريك» يطلب مساعدته على جيش نور الدين، وكان «أمري» لا يستطيع أن يرفض ذلك الطلب؛ إذ كان يتطلع إلى امتلاك مصر، لا يمنعه إلا خوف نور الدين، فلما بلغته دعوة شاور ضمن أن يكون المصريون إلى جانبه فأقدم. وهكذا كان شاور يلعب بالنار التي ستحرقه.
بقي الجيشان الأجنبيان يتطاحنان قرب بلبيس، وكان نور الدين في أثناء ذلك يهوي بجنوده على أملاك الصليبيين بالشام؛ ففتح قلعة «حارم» إلى غرب «حلب» وبهذا صارت أنطاكية مهددة بإغاراته، ثم جد في حصار حصن «بانياس» بقرب دمشق، فكان على «أملريك» أن يعود قبل أن يتسع الخرق، وكان شيركوه لا يعلم بذلك الانتصار الذي أحرزه نور الدين، وكانت جيوشه تحارب على قلة من المئونة ولم يكن له عند بلبيس حلفاء يساعدونه ولا حصن يمتنع فيه؛ ولهذا سره أن يفاتحه الفرنج بالصلح على أن يخرج هو وهم جميعا من مصر، وكان منظر خروج جيش شيركوه من بلبيس في أكتوبر سنة 1164م/559ه أشبه شيء بالنصر؛ وذلك أن الجيش سار عن بلبيس وجاء في آخره أسد الدين شيركوه يحمل في يده لتا من حديد يحمي ساقتهم، ووقف حول الجيش جمع من مسلمي مصر ومن الفرنج ينظرون إليه وهو يخرج عن البلاد، فقال له أحد الفرنج: «أما تخاف أن يغدر بك هؤلاء المصرية والفرنج وقد أحاطوا بك وبأصحابك حتى لا تبقى لك بقية؟» فأجاب شيركوه: «يا ليتهم فعلوا حتى كنت ترى ما أفعل؛ كنت والله أضع السيف فلا يقتل منا رجل حتى يقتل منهم رجالا، وحينئذ يقصدهم الملك العادل نور الدين فلا يبقي منهم أحدا.»
في مثل هذه الحال وفي مثل ذلك الجو المعنوي بدأ صلاح الدين أول جولة جدية له في غمار الحياة العملية.
مضى بعد ذلك أكثر من عامين كان فيهما شاور سيد الدولة بمصر، وكان شيركوه في أثنائهما يردد أمله في العودة إلى مصر لامتلاكها، وكان يحرض نور الدين بكل وسائل التحريض وهو يعلم أن أقرب الحجج إلى نفسه أن مصر تساعده على جهاده مع أعدائه الفرنج، وكان يسهل فتحها قائلا: «إنها دولة بغير رجال.» ولكن يجب ألا ننسى أن ثروة مصر أيضا كانت من أكبر حجج شيركوه أمام نفسه وأمام سيده، وكان الخليفة العباسي عندما علم بما يقصده شيركوه يساعد على غزو مصر بتحريضه ودعواته؛ فإن بيت بني العباس لم ينس أن بيت فاطمة في مصر كان منافسا خطيرا وأن الشيعة العلوية بدعة يجب أن تزول فلا يبقى على الأرض إلا السنة وأتباعها.
وقد كان نور الدين يتردد في إنفاذ تلك الحملة التي يحرضه شيركوه على إرسالها، ولكنه علم أن الصليبيين على نية غزو مصر فجعله ذلك يعزم، وما كان أقل جيشه عددا؛ فقد كان نصف عدد أول فرقة أنفذها عمر بن الخطاب إلى مصر؛ إذ كانوا لا يزيدون على ألفي رجل على الأصح، ولو أن الفرنج يبالغون في عدد ذلك الجيش. على أنهم كانوا ألفين من فرسان أبطال، وكان صلاح الدين مع عمه هذه المرة أيضا.
سارت الكتيبة في أوائل سنة 1167م/562ه إلى شرق النيل عند أطفيح وعبرت إلى البر الغربي من هناك، فأقبل «أمري» بجيش كبير من الشام فانضم إلى جيش شاور، وكان عدد جنوده من الفرنج والمصريين معا أكثر بكثير من عدد جيش شيركوه، ولو أن الفرنج يدعون أنهم لم يكونوا في كثرة.
بعد حين كان الجيشان أحدهما عند الفسطاط، وهو جيش مصر وحلفائها الفرنج، والآخر، وهو جيش الأتراك (شيركوه)، عند الجيزة في البر الغربي، ومضت فترة انتظار كان فيها الصليبيون يستوثقون لأنفسهم بمعاهدة أمضاها الخليفة العاضد بنفسه، وحلف عليها على أن يعطي الفرنج مائتي ألف دينار معجلة ومثلها مؤجلة ثمنا لمساعدتهم.
1
অজানা পৃষ্ঠা