فقالت ياقوتة: «وما الذي أطلعك عليه من علاقته بها؟»
قال: «لم يذكر لي تفصيلا كثيرا؛ لأن الوقت لم يأذن بالتطويل. ولكنني فهمت من غرض الحديث أنه يجل سيدة الملك كثيرا. وقد خطر له أنكم لا تصدقون قولي فدفع إلي هذه الجوهرة على سبيل الأمارة.»
ومد يده إلى جيب في منطقته واستخرج جوهرة دفعها إلى ياقوتة فتفرست فيها واقتربت من سيدة الملك، فحالما رأتها قالت همسا: «هي إحدى جواهر العقد الذي أعطيناه إياه تلك الليلة.» والتفتت إلى الشاب وقالت: «صدقت، قد تأكدنا الآن أنك رسول منه. كيف هو ومتى يخرج من السجن؟ وإذا خرج ألا يأتي إلى هنا؟» قال: «سيخرج قريبا إن شاء الله وهو في خير، وإذا خرج فلا أظنه يأتي توا إلى هنا؛ لأن لديه مهمة لا أعرفها. وقد كلفني أن أقول لك إنه سيعود إلى هنا متى فرغ منها.»
فانقبضت نفسها وأطرقت ثم رفعت بصرها إليه وقالت: «إذن هو في خير وهذا يكفي. وإذا دفعنا إليك أمانة هل توصلها إليه؟»
فوضع يده على رأسه وقال: «كيف لا يا سيدتي! إني أتمنى أي خدمة أؤديها له.»
فأشارت إلى ياقوتة فدنت منها فأمرتها أن تستخرج بعض الجواهر تبعث بها إليه، وأن تكتب إليه كتابا تؤكد له فيه بقاءها على حبه، وأنها تتوقع رجوعه بفارغ الصبر.
ففعلت ووضعت الجواهر والكتاب في كيس خاطته ودفعته إلى الرسول، ودفعت إليه صرة فيها خمسون دينارا وقالت: «هذه أجر الطريق»، فأخذها وشكر وانصرف، وظلت سيدة الملك برهة بعد ذهابه وهي تخاطب ياقوتة في شأن عماد الدين وياقوتة تصبرها.
الفصل الثامن
السلطان نور الدين
وكان أبو الحسن قد نجا تلك الليلة من القبض عليه؛ لأنه كان لفرط دهائه وحذره يحتاط لكل شيء. وكان قد أعد منفذا من قاعة الاجتماع إلى بيت ذلك اليهودي حتى إذا داهمهم مداهم فر من هناك لا يبالي بما يصيب رفاقه.
অজানা পৃষ্ঠা