اندفع الكلب الأسود إلى الداخل، وسارع نحو براز الطفل ثم ابتلعه بلسانه، وراح يهز ذيله على الأرض .. حركت «آموج» قدميها وطفلها مرة أخرى، وكانت هذه المرة نقطة خضراء صغيرة هي التي خلفها الطفل، لم يجد فيها «وانكو» سببا كافيا لنهوضه، واكتفى بمد رقبته ولعقها بلسانه، ثم انتصب في مكانه في انتظار المزيد، لكن الطفل كان قد انتهى.
توقف الطفل عن البكاء، ولم يعد «إيدوجو» يفكر فقط في الباب الذي يصنعه. وضع الشاكوش جانبا وأمسك بالأجنة في يده اليسرى بدلا من اليد اليمنى.
كان «إيزولو» يدس أنفه في كل شيء، وقد وافق الجميع على أن صداقة «أوبيكا» ب «أوفيدو» غير صحيحة، ولا تجلب سوى الشر، غير أن «أوبيكا» لم يعد طفلا. لكن «إيزولو» دائما ما كان يعامل أولاده الكبار معاملة الأطفال، كما أن أحدا لم يكن يستطيع أن يختلف معه كي لا يحدث شجار كبير بينهما، وهكذا كان الأبناء الكبار يشعرون بكراهية «إيزولو» لهم.
تذكر «إيدوجو» مدى حب والده له عندما كان صغيرا، وكذا حبه ل «أوبيكا» و«أودوش» و«وافو»، وكيف أن السنين غيرت من حبه هذا الذي لم يدم طويلا إلا مع «أوبيكا»، الذي كان يشبهه إلى حد كبير .. ماذا سيحدث لو أنجب الرجل العجوز طفلا آخر في الغد؟ هل سيفقد «وافو» محبته؟ ربما، قيل إن «وافو» شديد الشبه بوالد «إيزولو»، وكانوا يعلقون خرزة الكاهن في رقبة «وافو»، مما جعل «إيدوجو» يشعر براحة كبيرة، قال لنفسه بعدها بصوت عال: لا أريد أن أكون رئيسا للكهنة.
ثم تطلع حوله لئلا يكون أحد قد سمعه، أما عن «أوبيكا» فإن أشياء مثل الكهنوتية لم تخطر بباله قط. إنهما «أودوش» و«وافو» فقط المرشحان لذلك، رغم أن أحدا لم يتوقع أن يرسل «إيزولو» «أودوش» للالتحاق بالدين الجديد.
توقف «إيدوجو» فجأة عن التفكير؛ فقد حدثته نفسه بأن «إيزولو» أرسل «أودوش» عمدا لكي يتلقى تعاليم الرجل الأبيض والتدين بدينه الجديد، وبذلك لا يصبح من حقه الترشح لكهنوتية «أولو».
ألقى بالأجنة فوق الأرض، ولم يعد قادرا على العمل في الباب .. كان «إيزولو» يرغب في أن تكون الكهنوتية من نصيب ابنه الصغير المفضل، ولم يقتنع أحد بما قاله «إيزولو» بشأن رغبته في أن يكون أحد أبنائه عينا وأذنا له في ذلك العالم الجديد، لماذا إذن لم يرسل «وافو» الذي كان قريبا من أفكاره؟ لا، لم يكن ذلك هو السبب، لكنه أراد أن يختار وريثه بما يتناسب مع الإله.
اضطرب تفكير «إيدوجو»؛ فماذا يفعل لو أن «أولو» اختاره رئيسا للكهنة؟ هل سيكون سعيدا إذا أصبحت خرزة الكاهن من نصيبه؟ لا، لم يكن يعرف شيئا سوى أن هذه الفكرة لم تخطر بباله من قبل؛ لأنه كان يعرف أن «أولو» لا يريده .. تذكر ما قالته أمه قبل أن تموت. لقد قالت بأن «إيزولو» يحب دائما أن يتصرف الناس جميعا، بما فيهم زوجاته وأقرباؤه وأطفاله وأصدقاؤه، كما يتصرف هو، ومن يجرؤ على معارضته يصبح عدوا له. لقد نسي بذلك قول الأجداد الذي يفيد بأن الرجل الذي يبحث عن رفيق يفكر ويتصرف مثله تماما سوف يحيا في عزلة كاملة.
ذهب «أوبيكا» وكان «إيزولو» ما يزال جالسا في نفس المكان مستندا بظهره على الحائط، وهو يتطلع إلى الأمام حتى يستطيع رؤية القادمين، وكانت جلود الماعز متراصة فوق المقعد الديني الطويل على يساره، وكان سطح ذلك الجزء من الكوخ مائلا للوراء، مما جعل «إيزولو» قادرا على رؤية السماء لمشاهدة القمر الجديد، غالبا ما كان ضوء النهار يتسلل إلى الكوخ من ذلك الجزء.
جلس «وافو» فوق المقعد الطيني الطويل في مواجهة والده، وكان سرير «إيزولو» المنخفض المصنوع من شجرة البامبو في الجانب الآخر من الكوخ، وبجانبه كومة محترقة من الخشب.
অজানা পৃষ্ঠা