فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك، تشكر للمطيع ما أنت توليته له، وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه، أعطيت كلا منهما ما لم يجب له، وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه ولو كافأت المطيع على ما أنت توليته لاوشك أن يفقد ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك ولكنك بكرمك جازيته على المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية، ثم لم تسمه القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك، ولم تحمله على المناقشات في الالات التي تسبب باستعمالها إلى مغفرتك، ولو فعلت ذلك به لذهب بجميع ما كدح له وجملة ما سعى فيه، جزآء للصغرى من أياديك ومننك، ولبقي رهينا بين يديك بسائر نعمك فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك، لا، متى؟. هذا يا إلهي حال من أطاعك وسبيل من تعبد لك، فأما العاصي أمرك والمواقع نهيك فلم تعاجله بنقمتك لكي يستبدل بحاله في معصيتك حال الانابة إلى طاعتك، ولقد كان يستحق في أول ما هم بعصيانك كل ما أعددت لجميع خلقك من عقوبتك، فجميع ما أخرت عنه من وقت العذاب، وأبطأت به عليه من سطوات النقمة والعقاب ترك من حقك، ورضى بدون واجبك، فمن أكرم منك يا إلهي، ومن أشقى ممن هلك عليك، لا، من؟ فتباركت أن توصف إلا بالاحسان، وكرمت أن يخاف منك إلا العدل، لا يخشى جورك على من عصاك، ولا يخاف إغفالك ثواب من أرضاك. فصل على محمد وآله وهب لى أملي، وزدني من هداك ما أصل به إلى التوفيق في عملي، إنك منان كريم.
পৃষ্ঠা ৬৮