قد ترى يا إلهي فيض دمعي من خيفتك، ووجيب قلبي من خشيتك، وانتفاض جوارحي من هيبتك، كل ذلك حياء مني لسوء عملي، ولذاك خمد صوتي عن الجأر إليك، وكل لساني عن مناجاتك يا إلهي. فلك الحمد، فكم من غائبة سترتها علي فلم تفضحني، وكم من ذنب غطيته علي فلم تشهرني، وكم من شائبة ألممت بها فلم تهتك عني سترها، ولم تقلدني مكروه شنارها، ولم تبد سوأتها لمن يلتمس معايبي من جيرتي، وحسدة نعمتك عندي، ثم لم ينهني ذلك عن أن جريت إلى سوء ما عهدت مني فمن أجهل مني يا إلهي برشده ومن أغفل مني عن حظه ومن أبعد مني من استصلاح نفسه حين انفق ما أجريت علي من رزقك فيما نهيتني عنه من معصيتك ومن أبعد غورا في الباطل وأشد إقداما على السوء مني حين أقف بين دعوتك ودعوة الشيطان، فأتبع دعوته على غير عمى مني في معرفة به، ولا نسيان من حفظي له وأنا حينئذ موقن بأن منتهى دعوتك إلى الجنة ومنتهى دعوته إلى النار سبحانك ما أعجب ما أشهد به على نفسي واعدده من مكتوم أمري، وأعجب من ذلك أناتك عني وإبطآؤك عن معاجلتي وليس ذلك من كرمي عليك بل تأنيا منك لي ، وتفضلا منك علي، لان أرتدع عن معصيتك المسخطة واقلع عن سيئاتي المخلقة ولان عفوك عني أحب إليك من عقوبتي، بل أنا يا إلهي أكثر ذنوبا وأقبح آثارا وأشنع أفعالا وأشد في الباطل تهورا وأضعف عند طاعتك تيقظا، وأقل لوعيدك انتباها وارتقابا من أن احصي لك عيوبي، أو أقدر على ذكر ذنوبي وإنما اوبخ بهذا نفسي طمعا في رأفتك التي بها صلاح أمر المذنبين، ورجاء لرحمتك التي بها فكاك رقاب الخاطئين.
পৃষ্ঠা ২৯