مسألة:[الكلام في التخصيص بالعقل وتخصيص الكتاب بالكتاب]
عندنا أن تخصيص العموم بدلالة العقل جائز، وقد خالف في ذلك بعضهم.
والذي يدل على صحة ما قلناه: أن العقل دليل يجب اتباعه، وكل دليل يجب اتباعه، فإنه يجوز تخصيص العموم به كالكتاب بالكتاب.أما أن العقل دليل يجب اتباعه: فذلك إجماع العلماء إلا ما يحكى عن داود وقوله باطل؛ لأن العقل إن لم يكن أكبر الأدلة فليس بخارج عنها(1)، وذلك ظاهر؛ لأن المعلوم أن من خالف قضية العقل خرج من حد العقلاء، ولم يصح له تصحيح شيء من الدعاوي التي يدعيها؛ لأنه قد هدم أصلها.
وأما أن كل دليل يجب اتباعه: فإنه يجوز تخصيص العموم به: فلما تقدم من أن تخصيص العموم بغير دليل لا يجوز فلو لم يجز بدليل أيضا انتقض الإجماع على جواز التخصيص، وقد ثبت جوازه.
ومثال المسألة: قوله تعالى: {ياأيها الناس اتقوا ربكم} [النساء:1]، فإن هذا عموم في جميع الناس إلا أنا خصصنا الطفل والمجنون بدلالة العقل، وكذلك قوله سبحانه وتعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56]، أخرجنا من لم تكمل فيه شرائط التكليف من عموم هذا اللفظ بدلالة العقل وأمثال ذلك كثير.
পৃষ্ঠা ৮২