لأنا نقول: طرق الفقه لا تخلوا إما أن تكون خطابا أو غير خطاب، والخطاب لا يخلو إما أن يكون خطاب واحد، أو خطاب أكثر من واحد، وخطاب الواحد لا يخلو إما أن يكون خطاب قديم، أو خطاب محدث، ويدخل تحت جميع ما تقدم الأوامر والنواهي، والخصوص والعموم، والمجمل والمبين، والناسخ والمنسوخ من كلام الله سبحانه، وكلام نبيه عليه السلام.
وغير الخطاب لا يخلو إما أن يكون فعلا أو غير فعل، وغير الفعل لا يخلو إما أن يكون استنباطا أو غير استنباط، فغير الإستنباط هو التقرير من النبي -صلى الله عليه وآله- وعترته، وأمته، لو قدر العلم بذلك، والإستنباط لا يخلو إما أن يكون له أصل معين، أو لا أصل له معين؛ فإن كان له أصل معين فهو القياس، وإن لم يكن له أصل معين فهو الإجتهاد؛ والمكلف لا يخلو إما أن يكون عالما بهذه الجملة أو غير عالم، فإن كان عالما بها فهو المفتي، وإن كان غير عالم فهو المستفتي، وما دخل تحت ما تقدم فحكمه ما قضى به، وما لم يدخل تحته بقي على حكم العقل، وهو المراد بالكلام في الحظر والإباحة.
فصل:[في تعريف الخطاب]
واعلم أنه يجب أن نبدأ بذكر الخطاب وحده ليتميز لنا عن غيره مما ذكرنا مشاركته له في هذا الفن، ونتمكن من الكلام في كيفية تقسيمه وترتيبه، وتفصيله وتبويبه؛ لأن جميع ذلك فرع على معرفته في نفسه بحده وصفته.
فنقول وبالله التوفيق: الخطاب: هو الكلام الذي يقصد به فاعله إفهام الغير غرضا من الأغراض، وإنما قلنا هذا حده؛ لأنه يكشف عن معناه على جهة المطابقة، ويحصر فائدته حتى لا يدخل فيه ما ليس منه، ولا يخرج عنه ما هو منه، وذلك أمارة صحة الحد؛ ولأنه أيضا يطرد وينعكس، وذلك دليل في صحة التحديد.
পৃষ্ঠা ২৬