والذي يدل على صحته: أن أهل اللغة فرقوا بين لفظ الواحد، وبين لفظ الإثنين، وبين لفظ الجمع، فقالوا في لفظ الواحد: زيد، وفي لفظ التثنية: زيدان، وفي لفظ الجمع: الزيدون، فلولا أن أقل الجمع عندهم ثلاثة لما عبروا عنه بما يخالف لفظ التثنية؛ ولأن لفظ الجمع لو كان حقيقة في الإثنين لتعلق به لفظ الجمع كالثلاثة فكان يجوز أن يقال: اثنان رجال، كما يجوز أن تقول: ثلاثة رجال، ومعلوم أن ذلك لا يجوز؛ ولأنه لو كان حقيقة في الإثنين لدخل عليهما واو الجمع كما دخل على الثلاثة؛ فجاز أن تقول على وجه الحقيقة للاثنين دخلوا، كما تقوله للثلاثة، ومعلوم خلافه أيضا؛ ولأن الإنسان إذا قال: عندي لفلان دراهم، لم يصدق فيما دون الثلاثة.
مسألة:[الكلام في لفظ الجمع إذا أطلق]
اختلف من قال بأن أقل الجمع ثلاثة في لفظ الجمع إذا أطلق.
فمنهم من قال يجب حمله عند إطلاقه على الثلاثة فما زاد عليها إلا أن يمنع منه الدليل، وهو الذي نختاره، وهو المروي عن السيد أبي طالب، والشيخ أبي علي.
ومنهم من يقول: إنه يجب حمله على ثلاثة فقط، ولا يحمل على أكثر منها إلا بدلالة، وهو المروي عن أبي هاشم أولا.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أنه قد ثبت أن لفظ الجمع حقيقة في الثلاثة وفيما زاد عليها، بدلالة أن الذي علمنا كونه حقيقة في الثلاثة هو بعينه قائم فيما زاد على الثلاثة قيامه في الثلاثة فلا وجه لحمله على الثلاثة دون ما زاد عليها؛ فإذا ورد معرفا بالألف واللام وجب حمله على الإستغراق.
وإن ورد منكرا فإنه لا يخلو: إما أن يكون خبرا، أو أمرا، أو نهيا.
পৃষ্ঠা ৭৩