والذي يدل على صحة المذهب الأول: أن لفظ من إذا دخلت نكرة في المجازات والإستفهام نحو قولك: من في الدار، وقولك: من أكرمني أكرمته، صح أن تستثني من أحببت كقولك إلا ربيعة ومضر وبني فلان وبني فلان، حتى تأتي على جميع العقلاء، ولولا أن اللفظ شملهم على وجه الحقيقة لما صح الإستثناء، كما لا يصح أن تقول: إلا الخيل والبغال وغيرها مما لا يتناوله اللفظ؛ لأن من شرط صحة الإستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لصح دخوله تحته؛ لأن الواحد منا إذا قال علي لفلان عشرة إلا دينارا فإن هذا الإستثناء بالإجماع يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته؛ لأن العشرة اسم لهذا العقد المخصوص، دون غيره، وإذا قال: رأيت رجلا إلا زيدا، أو رجالا إلا زيدا لم يكن استثناء حقيقيا عند أهل اللغة مع أنه قد أخرج من الكلام ما لولاه لصح دخوله تحته، فإن زيدا يصح دخوله تحت هذا الإستثناء، وإن لم يكن حقيقيا لما قدمنا من وجوب إستغراق اسم الرجال عند أهل اللغة بخلاف رجل ورجال.
والذي يدل على أن لفظة العموم تقتضي الإستغراق على وجه الحقيقة: أنهم يجعلون البعض في مقابلة الكل فيقول قائلهم: أخذت كل المتاع أو بعضه، فلو كان لا يقتضي الإستغراق عندهم ما جعلوا البعض في مقابلته كما أنهم لا يقولون: أخذت بعض المتاع أو جزءا منه، لما كان كل واحد من اللفظين لا يقتضي الإستغراق عندهم.
পৃষ্ঠা ৭০