وحكى عن الإمام العالم القاسم بن إبراهيم(1) عليه السلام أنه يوجبه على التراخي وأن ذلك مذهب أبي علي وأبي هاشم، وأن قاضي القضاة نصره في العمد وشرحه آخرا، وكان شيخنا رحمه الله تعالى يختار القول بأنه على التراخي آخرا، وعلله علينا في المذاكرة وهو الذي نختاره.
وجه القول الأول: أن الأمر قد ثبت حمله على الوجوب، والقول بجواز تأخيره على هذا الوجه يلحقه بالنفل، وذلك لا يحوز.
وقول من يقول إنه لا يلحق بالنفل -من حيث أنه يقيم العزم مقامه حتى يبلغه ثانيا بخلاف النفل فإنه لا يحتاج إلى إقامة العزم- قول لا برهان عليه؛ لأنه لا دليل على وجوب العزم المخصوص الذي ذكروه وإنما يجب العزم على وجه الجملة على أداء الواجبات وترك المقبحات.
وجه القول الثاني: أن ذلك لا يؤدي إلى إلحاقه بالنفل من حيث كان للمكلف ترك النفل رأسا، لا إلى وقت يتضيق فيه، وليس كذلك ما نحن فيه؛ لأنا نقول إنما يجوز للمكلف تركه إلى آخر أوقات الإمكان، ثم يضيق عند ذلك بخلاف النفل فبطل ما قالوه.
واعتراضهم على العزم لازم إلا أنا لا نوجبه، ولأنا نقول إن الحكيم لو أراد إيقاعه في وقت دون وقت لبينه، ومعلوم أنه لم يبينه، فثبت أنه يريد إيقاعه في أي وقت كان.
واعتراضهم ذلك بأنه إنما يلزم بيانه لو لم يكن الأمر مفيدا بظاهر التزامه على الفور غير مسلم، وهو موضع النزاع؛ لأنه لو كان معلوما من ظاهره لوجب أن نعلمه كما علمنا بظاهر الأمر وجوب الإئتمار.
مسألة:[الكلام في الأمر إذا ورد مؤقتا بوقت]
الأمر إذا ورد من الحكيم سبحانه مؤقتا بوقت فلا يخلو الحال فيه من ثلاثة أوجه:
إما أن يكون الوقت غير متسع لذلك الفعل، وهذا لا يجوز وروده من الله سبحانه؛ لأنه تكليف ما لا يمكن، وذلك قبيح والله لا يفعل القبيح.
أو يكون الوقت مساويا للفعل وذلك يجوز وروده من الحكيم سبحانه وتعالى، ولا خلاف في وجوب فعله في ذلك الوقت كالصيام مثلا.
পৃষ্ঠা ৫০