ينبغي لمن أراد حضه يتوسل بها من الدعاء أن يحسن الظن بالله تعالى ولا يستبعد الإجابة فإن الله تعالى لا يرد دعاء داع إلا أن يقول: ((دعوت فلم أجب))، رواه الإمام زيد بن علي -عليهما السلام-، وأخرجه الشيخان، والنسائي، وابن ماجه، ولفظ البخاري من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، قالوا: وكيف يعجل ؟، قال: ((يقول دعوت الله فلم يستجب لي))، وفي حديث أبي سعيد مرفوعا: ((ما من مسلم دعا بدعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم إلا كان له إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يوفر له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها))، قالوا: يا رسول الله أنكثر ؟ قال: ((فالله أكثر)) أخرجه الإمام المرشد بالله عليه السلام، ومعناه في المجموع: وأن يعرف قدر الدعاء وما يدعو به والمدعو تعالى، فإن أحد ركني العبادة الدعاء كما قدمنا، وإن شأنه عظيم كما سيأتي إن شاء الله، وأن يعرف أن الله تعالى أعظم من يوقر ويتواضع له، فإذا كان الإنسان في الدعاء فهو بين يدي ملك الملوك، تبارك وتعالى، وليعلم أن الله يبغض الملح الملحف إلا في دعائه وبيده الإيجاد والإعدام، ولا يمل فإن الله تعالى لا يمل حتى يمل العبد، ففي الحديث: ((الدعاء هو العبادة))، ((ليس شيء أكرم على الله من الدعاء))، ((وإن الدعاء ينفع مما نزل ومما ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء فإن الله تعالى يحب أن يسأل، ومن لم يدع الله غضب الله عليه))، رواه أبو يعلي والحاكم والترمذي، وشاهده في الأمالي، وفي أمالي الإمام أبي طالب(ع) عليه السلام: ما أعطي أحد أربع(1) فمنع أربعا، ما أعطي أحد الدعاء فمنع الإجابة إن الله تعالى يقول: {ادعوني أستجب لكم} [غافر:60]، وما أعطي أحد الاستغفار فمنع المغفرة إن الله تعالى يقول: {واستغفروا ربكم} [هود:90]، وما أعطي أحد التوبة فمنع القبول إن الله تعالى يقول: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده}[الشورى:25]، وما أعطي أحد الشكر فمنع من الزيادة إن الله تعالى يقول: {لئن شكرتم لأزيدنكم} [إبراهيم:7]، وليكن على هيئة طيبة من طهارة غالبا وخشوع وخضوع وانكسار خاطر فإن الله تعالى عند المنكسرة قلوبهم وطيب مكتسب وملبس ومأكل وإخلاص وما يناسب ذلك.
أخرج [في] أمالي الإمام أبي طالب(ع) عليه السلام من حديث علي عليه السلام: (من أحب أن تستجاب دعوته فليطب مكسبه وأن يكون مرضي العمل صالحه)، ففي شمس الأخبار من حديث علي عليه السلام أيضا مرفوعا: (( إن الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر))، ومن حديث الحسن -رحمه الله تعالى- مرفوعا: ((إن الله تعالى لا يقبل دعاء عبد حتى يرضى عمله))، وأن يكون اعتقاده على الله تعالى قاطعا علائق المخلوقين.
পৃষ্ঠা ১৪