كتب أرسطاطاليس إلى تلميذه يعاتبه وكتب في آخره، والسلام عليك سلام سنة لا سلام رضي. كتب بعضهم إلى صديق له يعاتبه: [مجزوء الكامل]
وجفوتني فيمن جفاني ... وحملتَ شانكَ غير شاني
ونسيتَ منّي موضعًا ... لكَ لم يكن لكَ فيهِ ثاني
آخر يعاتب أخاه: [الخفيف]
أيُّها العائبُ اللَّهوجُ يعيبُ النّاس ... مهلًا عنِ المعائبِ مهلًا
إنَّ في نفسكَ التي بينَ جنبيكَ ... عن النَّاسِ لو تفكرتَ شغلًا
عجبًا أن في ثناياكَ لحمي ... وإذا ما رأتني قلتَ أهلًا
إنَّ ذا العقلِ والبصيرةِ لا يقبلُ ... قولًا إن خالفَ القولُ فعلًا
آخر يعاتب: [الوافر]
أحنُّ إلى عتابكَ غيرَ أنّي ... أحلّكَ عن عتابكَ في كتابي
ونحنُ إذا التقينا قبلً موتٍ ... شفيتُ غليلَ صدري بالعتابِ
وإن سبقت إليّ يدُ المنايا ... فكم من عاتبٍ تحتَ التّرابِ
قيل لإنسان أديب، قد أحسن أبو نواس، الحسن بن هانئ حين سألته جاريته عن اسمه، فقال لها اسمي وجهك، فقالت أحسن منه، قول أحد أصدقائنا: [السريع]
وشادنٍ خبّرنا وجههُ ... عنِ اسمهِ كما جهلناهُ
يدعوهُ بالوصفِ لهُ من رأي ... فيحسبُ الدّاعي سمّاهُ
يقال أسوأ ما في الكريم أن يمنعك خيره، وأحسن ما في اللئيم أن يكف عنك شره، رأيت في البخاري عن جابر بن عبد الله، وروى عن علي بن أبي طالب ﵇ قال: دققت الباب على النبي ﷺ فقال لي: "من هذا؟ فقلت: أنا، فقال: أنا، فكأنه كره قولي أنا".
قال المعتمر بن سليمان كان على أبي دين، ولم يقدر على قضائه، فكان يستغفر الله ليلًا ونهارًا، فقلت لو سألت أن يقضي دينك، فقال إذا غفر لي، فقد قضى ديني لبعضهم: [الكامل]
كن للمكارهِ بالغراءِ مقنّعًا ... فلعلَّ يومًا لا ترى ما يكرهُ
ولربّما ابتسمَ الوقورُ من الأذى ... وفؤادهُ من حرّهِ تتأوّهُ
ولربّما صمتَ الحليمُ تكرُّمًا ... خوفَ الجوابِ وأنّهُ لمفوّهُ
ولربّما برزَ الفتى فتنافست ... فيهِ العيونُ وأنه لمموّهُ
لعبد الله بن عبيد الله: [البسيط]
الحرُّ لا يشتكي شيئًا وإن سمعتَ ... شكواهُ لم تكُ إلا دونَ بلواهُ
والمرءُ تكشفُ عيناهُ بلحظهما ... نجواهُ في قلبهِ من قبلِ نجواهُ
دخل الوليد بن يزيد بن عبد الملك، على هشام بن عبد الملك عمه، وقد اشترى هشام جارية بألفي دينار، وهي مغنية، وكان على الوليد عمامة وشي مذهبة حسنة، فقال له هشام بن عبد الملك: بكم اشتريت عمامتك هذه يا وليد؟ فإنها فاخرة، قال: بعشرة آلاف درهم، قال: ويحك عمامة بعشرة آلاف درهم، قال: وما أنكرت في أن أتحف أكرم أعضائي، ومجمع حواسي يعلو قيمته عشرة آلاف درهم، وأنت قد أتحفت أرذل أعضائك بألفي دينار.
خلع المنصور على معن بن زائدة، فخرج، وهو يسحب خلعته، فقال له: رجل من أهل اليمن، ليس عليك نسجة فاسحب واجرر، فقال معن متمثلًا: [الوافر]
ونحنُ الضّاربونَ بما طيعتم ... ونحنُ لما نسجتم لابسونا
أي أنكم قيون وحاكه. كتب بعض الولاة إلى معتذر غليه: [البسيط]
أقرر بذنبكَ ثم اطلب تجاوزنا ... عنهُ فإنّ جحودَ الذنبِ ذنبانِ
قال جالينوس: المرض هم عارض، والهم مرض طبيعي. لبعضهم: [السريع]
وشرُّ معروفكَ ممطولهُ ... وخيرهُ ما كانَ من ساعتهِ
لكل شيءٍ آفة تتقى وحسبك المعروف من آفته. قال عيسى بن يزيد: عمر الأحنف بن قيس إلى أيام عبد الملك بن مروان، وكان الحديث عن عمر بن الخطاب ﵁ قال أتى لليلة، وهو قائم يصلي، إذ أتت الجارية إليه، في حاجة، أو جاءته بشيءٍ أحسبه طعامًا لنا، فلم يرض بذلك منها، مد يده إليها، فنالها ضربًا، فقمت غليه وكلمته وصددته عنها، فأمسك، رجع إلى صلاته.
فلما فرغ التفت إلي وقال: يا ابن قيس إذا أضفت رجلًا، فلا تعترض عليه في أهله، أو قال منزله، فهو أعرف بمصالحه منك، فإن كنت لابد فاعلًا فإذا سكنت الفورة.
1 / 23