الممشى الخشبي جديد أيضا. منصة الفرق الموسيقية قديمة الطراز في المنتزه جديدة أيضا. لم يكن ثمة منصة فرقة موسيقية على الإطلاق من قبل. تسعد كل هذه الأشياء الرائعة السائحين - لا يعارض موراي ذلك البتة؛ إذ إنه يعمل في مجال السياحة - وفي الوقت الحالي تسعد هذه الأشياء قاطني المدينة أيضا. خلال ذلك الصيف في الستينيات، عندما كان موراي يقضي وقتا طويلا يتجول بسيارته في أنحاء الريف، بدا كما لو أن كل شيء آت من زمن فائت جرى تمزيقه، وإزاحته بعيدا، ترك ليبلى ويهمل. كانت الآلات الجديدة تدمر تصميم المزارع، وكانت الأشجار تقطع لإنشاء طرق أوسع، وكانت متاجر ومدارس ومنازل القرى تهجر. بدا الجميع تواقا إلى أماكن الانتظار ومراكز التسوق والمتنزهات في الضواحي التي تكسوها حشائش ناعمة مثل الطلاء. كان على موراي تقبل الآراء الأخرى، وتقييم أشياء - كما لو كانت نهائية - لم تكن إلا عرضية ومؤقتة.
من رحم التقبل هذا، لا شك، جاءت فورة الهدم والتجديد، التي كان سينخرط فيها في غضون شهور قليلة قادمة.
والآن يبدو كما لو كان العالم يتحول إلى طريقة موراي القديمة في التفكير. يقوم الناس بترميم المنازل القديمة وبناء منازل جديدة ذات شرفات قديمة الطراز. من الصعب العثور على شخص لا يفضل أشجار الظل والمتاجر الكبرى، المضخات، الإسطبلات، الأرجوحات، والأشياء الغريبة المثيرة. لكن لا يجد موراي أي متعة في هذه الأشياء، أو يجد بديلا آخر.
عندما عبر الممشى إلى حيث توجد أشجار الأرز وصولا إلى الشاطئ، جلس على صخرة كبيرة. أولا، لاحظ كم كانت هذه الصخرة غريبة وجميلة، يمر بها خط كما لو كان قد جرى شقها عرضيا وضم نصفاها معا مرة أخرى بطريقة غير صحيحة تماما - لم يكن سطح الصخرة مستويا تماما بل مسننا. كانت لديه بعض المعلومات عن علم الجيولوجيا، بحيث يدرك أن ذلك الخط كان صدعا، وأن الصخرة لا بد أنها آتية من منطقة درع عصر ما قبل الكمبري التي تبعد مائة ميل عن هنا. كانت صخرة تشكلت قبل العصر الجليدي الأخير، وكانت أقدم كثيرا من الشاطئ الذي تقبع فوقه. انظر إلى طريقة تشكلها وانقسامها - الطبقة على السطح تصلبت في صورة أمواج مثل كريم مخفوق في دوائر.
توقف موراي عن الاهتمام بالصخرة وجلس عليها الآن. يجلس الآن ناظرا إلى البحيرة. أمواج لونها أزرق فيروزي تبدو عبر الأفق، رائعة كما لو كانت مرسومة بحبر فيروزي، ثم يتحول لونها إلى أزرق صاف حتى حاجز صد الأمواج، ثم تتدرج في لونها إلى الأخضر والفضي حتى تتكسر على الرمال. كان الفرنسيون يطلقون على هذه البحيرة «البحر الهادئ»، لكنها بالطبع يمكن أن تغير لونها في غضون ساعة؛ ربما تصبح قبيحة، وذلك حسب الرياح وما يجري في قاعها.
سيجلس الناس ويشاهدون البحيرة كما لو كانوا لم يشاهدوا حقلا من الحشائش أو المحاصيل المتموجة من قبل. لم يحدث ذلك، رغم أن حركة التموج واحدة؟ ربما يرجع ذلك إلى عملية النحر، إلى التفتت الذي يجبرهم على المشاهدة. يعود الماء طوال الوقت، ناحرا مغيرا الشاطئ.
يحدث شيء مشابه إلى شخص يموت على غرار هذا النمط من الموت. كان قد رأى والده، كان قد رأى آخرين. تفتت، اختفاء - طبقة رقيقة إثر أخرى حتى العظام.
بينما لا ينظر في ذلك الاتجاه، يعلم عندما تلوح بربارا في الأفق. يستدير ويراها أعلى السلالم. بربارا الطويلة، في ردائها الخريفي المصنوع من الصوف، القمحي اللون، المغزول يدويا، تبدأ في النزول في غير عجلة أو تردد، لا تمسك بالدرابزين - هيئتها الواثقة، غير المكترثة المعتادة. لا يستطيع أن يستشف أي شيء من خلال طريقة سيرها. •••
عندما فتحت بربارا الباب الخلفي، كانت شعرها مبللا جراء الأمطار - مفتولا - وكانت بقع الماء تتناثر في كل مكان من سترتها الستان.
قالت: «ماذا تفعل؟ ... ماذا تحتسي؟ هل هذا جين صاف؟»
অজানা পৃষ্ঠা