ظل يراقب بريق بلوزتها حتى اختفت عن الأنظار، ثم سار عبر المنزل بسرعة، في أنفاس لاهثة. توقف في حجرة النوم والتقط الملابس التي كانت قد خلعتها؛ بنطالها الجينز، وقميصها، وسترتها. رفعها جميعا إلى وجهه وتشممها وحدث نفسه قائلا: هذا الأمر مثل مسرحية. أراد أن يرى إذا كانت قد غيرت سروالها التحتي. هز بنطالها الجينز لكنه لم يجد سروالها فيه. بحث في سلة الملابس المتسخة لكنه لم يجده. هل كانت خبيثة بما يكفي بحيث خبأته تحت أغراض الأطفال؟ ما جدوى أن تكون خبيثة الآن؟
كانت رائحة بنطالها الجينز مثل رائحة الجينز عندما يكون قد جرى ارتداؤه لفترة دون غسله - ليس فقط رائحة الجسد بل كل مجهود بذله. كان بإمكانه أن يشم مسحوق التنظيف فيه، ورائحة طهو قديمة. وها هو بعض الدقيق كانت قد أزالته عنه الليلة، وهي تصنع عجينة الفطيرة. كانت رائحة القميص رائحة صابون وعرق وربما دخان. هل كان ذلك دخانا - دخان سجائر؟ لم يكن متأكدا، عند شمه القميص مجددا، إذا ما كان ذلك دخانا على الإطلاق أم لا. كان يفكر في أمه التي كانت تقول: إن بربارا لم تتلق تعليما جيدا. لم تكن ملابس أمه لتخرج منها رائحة كتلك، رائحة جسدها وحياتها. كانت تعني أن بربارا لم تكن مهذبة، لكن ألا يمكن أنها كانت تعني أيضا منحلة؟ امرأة منحلة. عندما كان يسمع الناس يقولون ذلك، كان يرد إلى خاطره دوما بلوزة غير مزررة، ملابس تنزلق من الجسد، للإشارة إلى شهوتها وإتاحتها. صار الآن يعتقد أن أمه لم تكن تعني سوى ذلك، منحلة. امرأة يمكن أن تصبح منحلة، أن ينفلت لجامها، امرأة لا يمكن الوثوق بها، امرأة يمكن أن يفلت زمامها في أي وقت.
ابتعدت عن عائلتها. تركتهم كلية. ألم يكن يجب أن يدرك من خلال ذلك كيف يمكن أن تتركه؟
ألم يكن يدرك ذلك، طوال الوقت؟
كان قد أدرك أن ثمة مفاجآت ستحدث.
عاد إلى المطبخ. (يتعثر في طريقه إلى المطبخ.)
صب لنفسه نصف كأس من الجين، دون ماء صودا أو ثلج. (يصب نصف كأس من الجين.) فكر في صفعات أخرى. ستتغير نظرة أمه للحياة. ربما ستتولى أمر الأطفال. ربما سينتقل هو والأطفال إلى منزل أمه، أو ربما ينتقل الأطفال إلى منزل أمه ويبقى هو هنا، يشرب الجين. ربما يأتي بربارا وفيكتور لزيارته، يريدان أن يصبحا صديقين له. ربما يؤسسان بيتا ويدعونه في الأمسيات، وربما يذهب.
لا، لن يفكرا فيه. سيدعان كل تفكير فيه، وسيذهبان بعيدا.
عندما كان موراي طفلا، كان نادرا ما يشارك في الشجارات. كان دبلوماسيا ومرحا. لكن في إحدى المرات تشاجر مع أحدهم وطرح أرضا في فناء مدرسة والي، ظل طريح الأرض، ربما لنصف دقيقة. كان يرقد على ظهره في دوار، ورأى الأوراق على فرع الشجرة فوقه تتحول إلى طيور سوداء، ثم براقة أثناء تخلل الشمس لها وإثارة الرياح إياها. طرح في حيز خال، كثير النسمات، فضاء كان كل شكل فيه خفيفا ومتغيرا وكان هو على حاله. رقد هناك وحدث نفسه قائلا: «لقد حدث هذا لي من قبل.» •••
تسمى الدرجات البالغ عددها ثمانيا وسبعين من الشاطئ إلى المنتزه أعلى الجرف درجات غروب الشمس. هناك لافتة إلى جانب هذه الدرجات تشير إلى وقت الغروب لكل يوم من بداية يونيو إلى نهاية سبتمبر. تقول اللافتة: «شاهد غروب الشمس مرتين.» مع وجود سهم يشير إلى الدرجات. تتمثل الفكرة هنا في أنه إذا جرى المرء بسرعة جدا من أسفل السلالم إلى أعلاها فيمكن أن يرى آخر قوس من أشعة الشمس يختفي مرة ثانية. يعتقد السائحون أن هذه الفكرة، فضلا عن عادة إعلان وقت الغروب، يجب أن تكون تقليدا قديما في والي. في حقيقة الأمر، لم يكن الأمر سوى بدعة حاذقة جاءت بها الغرفة التجارية.
অজানা পৃষ্ঠা