ابتسمت مايا وجورجيا إحداهما للأخرى ابتسامة مقتضبة بينما واصل زوجاهما حديثهما المرح.)
تحول شعر رايموند البني الأجعد إلى زغب فضي، وظهرت التجاعيد في وجهه. ولكنه لم يصبه خطب جلل، فلم ينتفخ أسفل عينيه ولا ظهر له لغد ولا احتقان من جراء تناول الكحول ولا لاحت عليه انحناءة انهزامية ساخرة. كان ما زال نحيفا، منتصب القامة، مستقيم الكتفين، طيب الرائحة، فائق النظافة، ثيابه غالية وملائمة. من شأنه أن يصير رجلا عجوزا هشا، أنيقا، ذا ابتسامة صبيانية لطيفة. قالت مايا ذات مرة في كآبة إنهما يتميزان ببريق خاص. كانت تتحدث عن رايموند وبن. وقالت: ربما يجدر بنا أن ننقعهما في الخل.
تغيرت الغرفة أكثر مما تغير رايموند. فحلت أريكة جلدية عاجية اللون محل أريكة مايا المكسوة بالقماش المزخرف، وبالطبع كل الأشياء الأخرى المبعثرة مثلما في وكر أفيون - الوسائد وحشائش البمباس التي كانت لمايا، والفيل الرائع متعدد الألوان ذو المرايا الصغيرة المخيطة فيه - كل ذلك اختفى. ساد الغرفة اللونان البيج والعاجي، وكانت ناعمة ومريحة مثلها مثل الزوجة الشقراء الجديدة، التي جلست على مسند مقعد رايموند وأدرات ذراعه حولها بحنكة، مريحة يده على فخذها. كانت ترتدي سروالا أبيض يبدو ناعم الملمس وسترة مطرزة لونها أصفر باهت مبيض، وازدانت بحلي من الذهب. ربت رايموند عليها تربيتتين قويتين متحديتين.
وسألها: «ألست ذاهبة إلى مكان ما؟ ... للتسوق مثلا؟»
فردت عليه زوجته قائلة: «فهمت ... تريدان استعادة الأيام الخالية.» ثم ابتسمت لجورجيا قائلة: «لا بأس ... أنا فعلا بحاجة إلى التسوق.»
عندما ذهبت، صب رايموند شرابا له ولجورجيا. ثم قال: «آن دائمة القلق من تناول الخمر ... وترفض أن تضع ملحا على المائدة. ورمت ستائر المنزل كلها لكي تتخلص من رائحة السجائر التي كانت مايا تدخنها. أعلم ما قد يدور برأسك، وهو أن صديقنا رايموند قد حصل على شقراء لعوب. لكنها في حقيقة الأمر فتاة جادة جدا ومتزنة جدا. كانت في مكتبي - لعلمك - قبل وفاة مايا بفترة. أعني أنها كانت «تعمل» في مكتبي. لا أقصد ما قد يبدو الأمر عليه! وهي ليست صغيرة مثلما تبدو، أيضا. فعمرها ستة وثلاثون عاما.»
كانت جورجيا تخال زوجته في الأربعين من عمرها. كانت قد سئمت الزيارة بالفعل، ولكن كان عليها أن تتحدث عن نفسها. فقالت إنها ليست متزوجة، وإنها تعمل، وتمتلك بالاشتراك مع صديقها الذي تعيش معه مزرعة ودار نشر، وأن عملهما في وضع غير آمن، لا يدر ربحا كثيرا، ولكنه ممتع، وقالت: أجل، إنه صديق لا صديقة.
وقال رايموند: «لم يعد لدي أي معلومات عن بن لسبب أو لآخر ... كان آخر ما سمعته عنه أنه يعيش في قارب.»
فقالت جورجيا: «إنه يبحر برفقة زوجته حول الساحل الغربي كل صيف ... وفي الشتاء يذهبان إلى هاواي. فالقوات البحرية تسمح بالتقاعد المبكر.»
قال رايموند: «عظيم.»
অজানা পৃষ্ঠা