تقول أمهما في ازدراء: «لا يشبه الأمر التقدم إلى إحدى الفتيات بعرض زواج أو شيئا من هذا القبيل، ماذا سيكلفك الأمر؟ ... دولارين لكل منكما؟»
يقول موريس في صوت خفيض: إن الأمر ليس كذلك. «هل أطلب منك كثيرا أن تفعل ما لا تريد أن تفعل؟ هل أفعل ذلك؟ أعاملك كرجل ناضج، تتمتع بكامل الحرية. حسنا، أطلب منك الآن أن تفعل شيئا حتى تثبت أنك تتصرف حقيقة مثل شخص ناضج وأنك تستحق الحرية التي تتمتع بها، وهكذا يكون ردك؟»
يسير الأمر على هذا المنوال لفترة، ويقاوم موريس. لا تعرف جوان كيف ستتغلب أمهما على موريس وتتعجب من أنها لا تستسلم. لا تستسلم. «لست في حاجة إلى التذرع بأنك لا تستطيع الرقص، أيضا، لأنك تستطيع، علمتك كيف ترقص بنفسي، أنت راقص ماهر!»
في النهاية، لا بد أن موريس قد أذعن لكلام أمه؛ حيث إن الشيء التالي الذي تسمعه جوان هو قول أمهما: «اذهب وارتد سترة نظيفة.» وقع حذاء موريس عالي الرقبة ثقيل على السلالم الخلفية، وتناديه أمه قائلة: «ستشعر بالسرور أنك فعلت ذلك، لن تندم!»
تفتح باب غرفة الطعام وتقول لجوان: «لا أسمع عزف بيانو هنا، هل أنت جيدة بما يكفي حتى تدعي التدرب على العزف؟ المرة الأخيرة التي سمعتك تعزفين فيها المقطوعة إلى آخرها كانت مريعة.»
تبدأ جوان في العزف مجددا من البداية، لكنها لا تستمر في العزف بعد نزول موريس وصفقه الباب، وتدير أمها، في المطبخ، الراديو، وتفتح الخزانات، وتبدأ في إعداد طعام الغداء. تترك جوان البيانو وتتجه في هدوء عبر غرفة الطعام، مرورا بالباب إلى القاعة، حتى الباب الأمامي. تضع وجهها قبالة الزجاج الملون. لا يستطيع المرء النظر خلال هذا الزجاج؛ لأن القاعة مظلمة، لكن إذا وجه المرء عينيه في الاتجاه الصحيح، فسيرى. هناك لون أحمر أكثر من أي لون آخر؛ لذا تختار أن تنظر من خلال اللون الأحمر، على الرغم من أنها جربت النظر من خلال كل الألوان في حينها: الأزرق والذهبي والأخضر، وإذا كان ثمة إمكانية ضئيلة للنظر عبر أي لون، فلديها طريقة تستطيع من خلالها النظر عبره.
تحول المنزل الأسمنتي رمادي اللون الذي يوجد في الجانب الآخر من الشارع إلى اللون الأرجواني. يقف موريس عند الباب. يفتح الباب، ولا تستطيع جوان أن ترى من فتحه، هل هي ماتيلدا أم السيدة كاربانكل؟ الأشجار العارية الجامدة وأجمة الليلك إلى جانب باب ذلك المنزل لونها أحمر داكن، مثل الدم. سترة موريس الصفراء الجميلة تبدو مثل بقعة لونها أحمر ذهبي، ضوء التوقف الخلفي للسيارة، عند الباب.
بعيدا في داخل المنزل، تغني والدة جوان مع الراديو، لا تشعر بوجود أي خطر. بين الباب الأمامي، والمشهد في الخارج، وأمها التي تغني في المطبخ، تشعر جوان بعتمة، برودة، هشاشة وزوال هذه الحجرات المرتفعة شبه الخالية بمنزلهم. ليس إلا مكانا عاديا شأنه شأن الأماكن الأخرى، لا يوجد ما يميزه، لا يمثل أي نوع من الحماية. تشعر بهذا لأنها تظن أن أمها ربما تكون مخطئة. في هذه الحالة - وفي غيرها من الحالات، فيما يتعلق بإيمانها وافتراضاتها - ربما تكون أمها مخطئة.
إنها السيدة كاربانكل. يستدير موريس وها هو يسير على الممشى وها هي تتبعه. ينزل موريس من على درجتي السلم إلى الرصيف، يسير عبر الشارع بسرعة جدا دون أن ينظر حوله. لا يجري، يضع يديه في جيبه، ويبتسم وجهه الوردي ذو العينين اللتين بهما احمرار شديد لادعاء أن أيا مما يحدث لا يفاجئه. ترتدي السيدة كاربانكل رداءها المنزلي البالي الفضفاض الذي لا يراها أحد فيه إلا نادرا، شعرها الوردي مهوش مثل شعر امرأة ساحرة، تقف أعلى درجتي السلم وتصرخ في موريس ، ما يجعل جوان تسمعها عبر الباب: «لسنا على هذا القدر من السوء بحيث نحتاج إلى ذلك الغبي الأعور ليصطحب ابنتي إلى حفل راقص!» (2) الجليد الكريستالي العالق
ترى جوان موريس وكأنه مقاول عندما تراه في الخارج أمام العمارة، يقطع الحشائش. يرتدي بنطال عمل لونه أخضر فاتح وقميصا مربع النقش، وبالطبع نظارته ذات العدسة الداكنة. يبدو كرجل كفؤ، وحتى متسلط، لكن كشخص مسئول بالنسبة لشخص آخر. عند رؤيته وسط مجموعة من عماله (توسع من مجال تخزين الأخشاب إلى مجال الإنشاءات) ربما سيظن المرء أنه رئيس عمال، رئيس عمال يقظ، عادل، ذو طموح جدي لكنه محدود، ليس صاحب العمل، ليس مالك العمارة، وجهه مستدير وأصلع جزئيا، به سمرة حديثة، ونمش حديث ظاهر في مقدمة فروة رأسه، قوي البنيان، كتفاه آخذتان في الاستدارة، أو هل هكذا يبدو عندما يدفع آلة جز الحشائش؟ هل هناك هيئة تكون للعزاب، العزاب الأبناء، العزاب الأبناء الذين يعتنون بآبائهم العجائز، خاصة الأمهات؟ هيئة مقيدة، صبورة تقترب من الهوان؟ تعتقد كما لو كانت على وشك زيارة أحد أعمامها.
অজানা পৃষ্ঠা