ويألفونه، ويعيد القول في ذاك ويبدي، والعوامي لا ينبس بحرف، فقال له الزهيري: إن كنت تسكت استهانة بخطابي عذلتك؟ فقال العوامي: لا ولكني كما قال إسماعيل بن يسار النسائي:
إني لصعب على الأقوام لو جعلوا ... رضوى لأنفي خشاشًا لم يقودوني
نفسي هي النفس آبى أن أواتيها ... على الهوان وتأبى أن توآتيني
وقال: والله ما يفي أنسي بهم بالغداة باستيحاشي منهم بالعشي.
قال الزهيري: اعلم أن النداراة مطية وطيئة، وروضة موبقة، ما لبس أحد ثوبها إلا وجده فضفاضًا، وقد قال صاحب الشريعة ﵌: مداراة الناس صدقة، وقالت العرب: من لم يدار عيشه ضل، قال العوامي: لو كانت المداراة تثنيهم لي، أو تعطفهم علي كانت مبذولة، ولكنها مضرة لهم على ما أنكر منهم، ومضرة لي فيما أعرف، ولا خير في بث خير لا يورث خيرًا.
ورأيت ابن سعدان ينشد يومًا وقد أنكر شيئًا في بعض الندماء:
عدو راح في ثوب الصديق ... شريك في الصبوح وفي الغبوق
له وجهان: ظاهره ابن عم ... وباطنه ابن زانية عتيق
يسرك ظاهرًا ويسوء سرًا ... كذاك تكون أبناء الطريق
1 / 74