ورأيه، ومن فضل عداوة الجاهل أنك لا تستطيع مكاشفته حياء منه، وإيثارًا للإرعاء عليه، ومن فضل عداوة العاقل أنك تقدر على مغالبته بكل ما يكون منه إليك، ثم قال: وما أظن أنه كان فيما مضى إلى وقتنا هذا متصادقان على العقل والدين مثل أبي بكر وعمر، ومن يتحرى أخبارهما، ويقفو آثارهما وقف على غور بعيد، هذا مع العنجهية المصحوبة أيام الجاهلية، والعجرفية المعتادة أوان الكفر، فلما أنار الله قلوبهما بالإيمان رجعا إلى عقل نصيح، ودين صحيح، وعرفان بالعرف والنكر، ونهوض بكل ثقل وخف، وإني لأرحم الطاعن فيهما، والنائل منهما، لضعف عقله ودينه، وذهابه عما خصا به، وعما فيه، وميزا عنه، ورقيا إليه، واندفع في هذا وشبهه، وكان والله بليل الريق، يستحضر كيف شاء بالطويل والعريض، والجليل والدقيق.
أطلنا هذا الفصل على ما اعتن، والمعذرة فيه مقدمة إليك، وأنت أولى من يقبلها، وزادني تفضلًا من عنده عليهما، جامعًا لما شت من الكرم، حافظًا لما قد ضاع من الذمم.
قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: شر الإخوان من تكلف له، وخيرهم من أحدثت لك رؤيته ثقة به، وأهدت إليك غيبته طمأنينة إليه.
1 / 61