বইয়ের মধ্যে কাটানো ঘণ্টাগুলি
ساعات بين الكتب
জনগুলি
أولا:
أن الثقافة لم تكن عالمية في العصور الغابرة، حتى يتيسر التبادل فيها بين كل غالب وكل مغلوب، كما يتيسر ذلك بين أمم الثقافة الحديثة، أو أمم الثقافة الأوربية على الأقل، كالإنجليز والألمان والفرنسيين والطليان ومن إليهم، فعند كل أمة من هذه الأمم ثقافة مصبوغة بلونها ممزوجة بتاريخها وخصائص وطنها، يجوز أن يحصل فيها التبادل عند التنافس بينها وتنبيه الشوق إلى المعرف والاستطلاع في أبنائها فيها ، أما الأمم القديمة فقد كان توزيع الثقافة فيها جاريا على غير هذا الوضع الذي نراه في زماننا الحديث، فكانت الأمم المتحضرة عرضة لغارات الهمج الذين لا ثقافة عندهم ولا حضارة، وكانت الغلبة للهمج في بعض الأحيان فلا يلبثون أن يظفروا بالأمم المتحضرة حتى يأخذوا مما عندها ولا يستطيعون أن يعطوها مما عندهم؛ لأن ما عندهم هو العدد الكثير والصبر على المكاره والإقدام على المخاطر وليس هذا من الحضارة ولا هو مما يمنح ويعار.
ثانيا:
أن الغلبة في الزمن القديم كانت مرادفة للسيادة في كل حال، فمن غلب أمة فقد سادها واستولى على ملكها، فإما عاش معها عيشة المحتقر المترفع، الذي لا يتنزل إلى محاكاتها في شيء من الأشياء وإما تغلغل فيها واختلط بها مع الزمن لغة ودينا ونسبا فاستغرقته واحتوته، وبطلت بينهما المنافسة والنزاع، وفي كلتا الحالتين لا يجري تبادل المعرفة على النمط الحديث ولا بد من مظهر له غير المظهر الذي لاحظناه من آثار الحرب العظمى أو الحروب بين الفرنسيين والألمان من جهة، والفرنسيين والإنجليز من جهة أخرى.
ثالثا:
أن الدين كان عنصرا قويا من عناصر الثقافات التي نشأت بعد المسيحية والإسلام وأن الوطنية كانت كثيرا ما تختفي في أطواء الدين، فتتفق الأجناس المختلفة في عقيدة واحدة وينقلب النزاع على الوطن إلى التضامن في النحلة الدينية، ويمشي هذا إلى جنب ذاك فتزول الحدود بين الأجناس أو تختفي ما تيسر لها الخفاء.
رابعا:
أن المطبعة جعلت الرغبة في القراءة حاجة من حاجات الرجل العصري، فاهتمامه بأمة مقرون بالرغبة في القراءة عنها والقراءة لكتابها، ويزيد هذه الرغبة علمه بأن العلوم والحالات النفسية لها دخل عظيم في الغلبة والهزيمة، وهو ما لم يكن مطردا مقررا في الزمن القديم.
فهذه الفروق بين عصرنا والعصور الغابرة خليقة أن تتناول التعارف الذي تجر إليه الحروب بشيء من التعديل والتغيير، وإن كانت لا تلغيه ولا تبطل حقيقته التي تعمل عملها المستطاع من وراء جميع الفروق. •••
وقد استطرد الأستاذ طه حسين إلى السؤال عن الوسيلة التي تتكفل فيها الترجمة بتعارف الشعوب وتعاطفها، فقال: «على أن المسألة التي تستحق العناية ليست هي تعليل الترجمة وبيان ما يدعو إليها، فالترجمة ظاهرة اجتماعية قديمة باقية، وإنما هي مقدار ما تستطيع الترجمة أن تحققه من هذه الفكرة القيمة التي يسمو إليها أصحاب الأخلاق وعشاق المثل العليا، والتي جعلها الأستاذ العقاد عنوانا لفصله وهي «تعارف الشعوب». نعم، وهي التي يمكن أن تتخذ لتكون الترجمة سبيلا واخمة مأمونة تلتقي فيها الشعوب المختلفة، فتأتلف ويحب بعضها بعضا ويعطف بعضها على بعض، ويتحقق بينها التعاون الصحيح في جميع فروع الحياة. كم أحب أن أقرأ في هذا رأي الأستاذ العقاد.»
অজানা পৃষ্ঠা