قالت الحية للحسون: «ما أجمل طيرانك أيها الحسون! ولكن حبذا لو أنك تستطيع أن تنسل إلى ثقوب الأرض وأوكارها، حيث تختلج عصارة الحياة في هدوء وسكون!»
فأجابها الحسون وقال: «إي وربي! إنك واسعة المعرفة بعيدتها، بل أنت أحكم جميع المخلوقات، ولكن حبذا لو أنك تطيرين.»
فقالت الحية كأنها لم تسمع شيئا: «مسكين أنت أيها الحسون! فإنك لا تستطيع أن تبصر أسرار العمق مثلي، ولا تقدر أن تتخطر في خزائن الممالك الخفية، فترى أسرارها ومحتوياتها. أما أنا فلا أبعد بك؛ فقد كنت في الأمس متكئة في كهف من الياقوت الأحمر أشبه بقلب رمانة ناضجة، وأضأل الأشعة تحولها إلى وردة من نور، فمن أعطي سواي في هذا العالم أن يرى مثل هذه الغرائب؟»
فقال لها الحسون: «بالصواب قد حكمت أيتها الحكيمة، فلا أحد إلاك يستطيع أن يفترش ما تبلور من تذكارات العصور، وآثار الدهور، ولكن وا أسفاه، فإنك لا تغردين!»
فقالت الحية: «إنني أعرف نباتا تمتد جذوره إلى أحشاء الأرض، وكل من يأكل من تلك الجذور يصير أجمل من «عشتروت».»
فأجابها الحسون قائلا: «لا أحد، لا أحد إلاك قد اهتدى إلى حسر القناع عن فكر الأرض السحري، ولكن وا أسفاه، فإنك لا تطيرين!»
فقالت الحية: «وأعرف جدولا أرجوانيا يجري تحت جبل عظيم، وكل من يشرب من هذا الجدول يصير خالدا خلود الآلهة، وليس بين الطير أو الحيوان من اهتدى إلى ذلك الجدول سواي.»
فأجاب الحسون وقال: «بلى والله، فإن في منالك أن تكوني خالدة مثل الآلهة لو شئت، ولكن وا أسفاه، فإنك لا تغردين!»
فقالت الحية: «وأعرف هيكلا مطمورا تحت تراب الأرض، لم يهتد إليه باحث أو منقب بعد، أزوره مرة في الشهر. وهو من بناء جبابرة الأزمنة الغابرة، وقد نقشت على جدرانه أسرار جميع الأزمنة والأمكنة، وكل من يقرؤها ويفهمها يوازي الآلهة في العقل والمعرفة.»
فأجابها الحسون قائلا: «بلى أيتها الحكيمة العزيزة، فإنك لو شئت لاستطعت أن تكتنفي بلين جسدك جميع معارف الأجيال، ولكنك وا أسفاه لا تقدرين أن تطيري!»
অজানা পৃষ্ঠা