أما أنا فكنت صامتا إلى تلك الدقيقة؛ فالتفت آنئذ إلى القديس وسألته قائلا: «ما دعاك إلى أن تنسب لنفسك شرورا لم ترتكبها قط يا سيدي؟ ألا ترى أن هذا الرجل قد مضى ولم يعد من المصدقين بدعوتك، والمؤمنين ببشارتك؟»
فأجاب القديس وقال: «أجل يا بني، فإنك بالصواب حكمت، بأنه لم يعد من المصدقين بدعوتي، ولكن الحق أقول لك إنه قد انصرف والعزاء يملأ فؤاده.»
وفي تلك اللحظة سمعنا اللص يغني من بعيد، وكانت الأودية تردد صدى صوته الممتلئ بالمسرة والتعزية.
الطمع
رأيت في جولاني في الأرض وحشا على جزيرة جرداء له رأس بشري وحوافر من حديد.
وكان يأكل من الأرض ويشرب من البحر بلا انقطاع، فوقفت أراقبه ردحا، ثم دنوت منه وسألته قائلا: «ألم تبلغ كفافك بعد؟ أليس لجوعك من شبع أو لظمأك من ارتواء؟»
فأجابني وقال: «نعم، نعم، قد بلغت كفافي، بل قد مللت الأكل والشرب، ولكنني أخاف ألا تبقى إلى غد أرض لآكل منها وبحر لأرتوي من مائه.»
الذات العظمى
حدث بعد تتويج نفسيبعل، ملك جبيل، أنه انصرف إلى مقصورته، وهي الغرفة التي بناها له عرافو الجبل النساك؛ فنزع تاجه، وخلع «برفيره» ووقف في وسط المقصورة، مفكرا في عظمته المتناهية، كملك جبيل الواسع السلطان في ذلك الزمان.
وكان في صدر تلك المقصورة مرآة مفضضة الإطار، أهدتها إليه أمه؛ فالتفت إليها بغتة، وإذا برجل عار قد خرج منها وتقدم إليه.
অজানা পৃষ্ঠা