نبىِّ الله وخليلهِ بها، فجعلَها الله عليه بردًا وسلاما، حتى كانت عليه ألذَّ من جميع لذات الدنيا.
أخبرنا جماعةٌ من شيوخنا: أنا ابن المحبِّ: أنا القاضي سليمانُ: أنا الحافظُ ضياءُ الدينِ: أنا جماعةٌ من شيوخنا: أنا أبو عليٍّ الحدادُ: أنا الحافظُ أبونعيمٍ: ثنا الحسينُ بن محمدٍ: ثنا يحيى بن محمدٍ: ثنا يوسفُ القطانُ: ثنا مهرانُ بن أبي عمرَ: ثنا إسماعيلُ بن أبي خالدٍ، عن المنهالِ بن عمرٍو، قال: أُخبرت أنَّ إبراهيمَ ﵇ لما أُلقي في النار، كان فيها ما أدري إما خمسين، وإما أربعين يومًا، قال: ما كنت أيامًا ولياليَ قَطُّ أطيبَ عيشًا مني إذْ كنتُ فيها، ووَدِدتُ أنَّ عيشي وحياتي كلَّها مثل عيشي إذ كنت فيها (١).
فانظر إلى أضر شيء، بقدرة القادر صيره على حبيبه ألذَّ شيء، وكيف لا يكون كذلك، والعذابُ والنعيم، والضرُّ والنفع، الكل بيده، فهو القادرُ أن يجعل العذابَ نعيمًا، والنعيمَ عذابًا، والضرَّ نفعًا، والنفعَ ضرًا، والكلُّ بيده، إذا أراد شيئًا، فإنما يقول له: كن فيكون.
* وكذلك جعل الله ﷿ الضيقَ وقلَّةَ الدنيا لأوليائه لذةًّ، وجعل الاتساعَ من الدنيا وما فيها عذابًا لأهلها؛ فإن كثيرها هموم وغموم، وهي تدنس المتقين، كما قيل لأبي بكر ﵁: ألا تستعمل أهلَ بدرٍ؟ قال: إني أرى مكانَهم، ولكني أكره أن أُدَنِّسهم بالدنيا (٢).
_________
(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢٠).
(٢) انظر: "حلية الأولياء" لأبي نعيم (١/ ٣٧).
1 / 67