سَمْعَهُ الَّذِيِ يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِيِ يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَفشِي بِهَا، فَإِنْ سَأَلنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّنتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ" (١).
ومن هذه الحيثية -حيثُ دخلَ من القوة الربانية الناشئة عن الله ﷿، المستمدة عظمة قدرة الله - قَدَّمَ سلطانُ أولياءِ الله أكثرَ من غيره؛ بكونه صار الرأسَ للكثير، وتحقَّقَ ذلك، قال -تعظيمًا للسر الإلهي-: قَدَمي هذه على رقبة كلِّ وَلِيٍّ لله (٢).
ولما أُلقي إبراهيمُ في النار، طفأها نورُ الإيمان، وما سكن جسدُه منه، ولهذا وردَ في بعض الآثار: أن النارَ قالت: يا ربِّ! لو عصيتكم، بم كنت تعذبني؟
_________
(١) رواه البخاري (٦١٣٧).
(٢) قال الحافظ ابن حجر في "الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع" (ص: ٩٩) في قول الإمام عبد القادر الجيلاني المنقول عنه ما معناه: "منزلة الشيخ -تغمده الله تعالى برحمته- في العلم والعمل والمعرفة في أعلى الدرجات، وأما المقالة التي نقلت عنه، فإن ثبت أنه قالها فليست على إطلاقها، بل هي مقيدة بأهل عصره، والمراد بالقدم: الطريقة، ولا شك أن طريقته بالنسبة لمن كان في عصره أمثل الطرق، ولأنه كان متحققًا بالعلم والعمل، متصفًا باتباع طريقة السلف الصالح من الصحابة والتابعين في الإعتقاد، ومن نقل عنه خلاف ذلك لم يقبل منه.
ونقل ابن العماد في "شذرات الذهب" (٤/ ٢٠٠) عن الحافظ ابن رجب أنه قال: أحسن ما قيل في هذا الكلام ما ذكره السُّهْرَوردي في "عوارفه": أنه من شطحات الشيوخ التي لا يقتدى بهم فيها، ولا تقدح في مقاماتهم، ومنازلهم، فكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم.
1 / 25