بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَبِه نستعين الْحَمد لله وَكفى وَسَلام على عباده الَّذِي اصْطفى وَبعد فَهَذَا جُزْء جمعت فِيهِ الْأَخْبَار المروية فِي سَبَب وضع علم الْعَرَبيَّة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
قَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْأَنْبَارِي فِي
1 / 27
أَمَالِيهِ حَدثنِي بعض أَصْحَابنَا قَالَ قَالَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يحيى الْقطعِي حَدثنِي مُحَمَّد بن عِيسَى بن يزِيد حَدثنِي أَبُو تَوْبَة الرّبيع بن نَافِع الْحلَبِي
1 / 28
حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة ﵁ قَالَ
1 / 29
قدم أَعْرَابِي فِي زمَان عمر فَقَالَ من يُقْرِئُنِي مِمَّا انْزِلْ الله على مُحَمَّد ﷺ فَأَقْرَأهُ رجل سُورَة بَرَاءَة فَقَالَ ﴿أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله﴾ بِالْجَرِّ فَقَالَ الْأَعرَابِي أَو قد برىء الله من رَسُوله إِن يكن الله قد برىء من رَسُوله فَأَنا أَبْرَأ مِنْهُ فَبلغ عمر مقَالَة الْأَعرَابِي فَدَعَاهُ فَقَالَ يَا أَعْرَابِي أَتَبرأ من رَسُول الله ﷺ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنِّي قدمت الْمُشْركين وَلَا علم لي بلأ فَسَأَلت من يُقْرِئُنِي فأقرأني هَذَا سُورَة بَرَاءَة فَقَالَ ﴿أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله﴾ فَقلت أَو قد برىء الله من رَسُوله إِن يكن الله قد برىء من رَسُوله فَأَنا أَبْرَأ مِنْهُ فَقَالَ عمر لَيْسَ هَكَذَا يَا أَعْرَابِي قَالَ فَكيف هِيَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ ﴿أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله﴾ فَقَالَ الْأَعرَابِي وَأَنا وَالله أَبْرَأ مِمَّا برىء الله وَرَسُوله مِنْهُ فَأمر عمر بن الْخطاب أَلا يقرىء الْقُرْآن الا عَالم باللغة
1 / 30
وَأمر أَبَا الْأسود فَوضع النَّحْو أخرجه الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم بن عَسَاكِر فِي تَارِيخ دمشق وَقَالَ أَبُو
1 / 31
الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق الزجاجي النَّحْوِيّ فِي أَمَالِيهِ حَدثنَا ابو جَعْفَر مُحَمَّد بن رستم الطَّبَرِيّ
1 / 32
قَالَ حَدثنَا ابو حَاتِم السجسْتانِي حَدثنِي يَعْقُوب بن إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ حَدثنَا سعيد بن سلم الْبَاهِلِيّ حَدثنَا أبي عَن جدي عَن أبي الْأسود
1 / 33
الدؤَلِي ﵁ قَالَ دخلت على أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب ﵁ فرأيته مطرقا متفكرا فَقلت فيمَ تفكر يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ إِنِّي سَمِعت ببلدكم هَذَا لحنا فَأَرَدْت أَن أصنع كتابا فِي أصُول الْعَرَبيَّة فَقلت إِن فعلت هَذَا أَحْيَيْتَنَا وَبقيت فِينَا هَذِه اللُّغَة ثمَّ أَتَيْته بعد ثَلَاث فَألْقى إِلَيّ صحيفَة فِيهَا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْكَلَام كُله اسْم وَفعل وحرف فالاسم مَا أنبأ عَن الْمُسَمّى وَالْفِعْل مَا أنبأ عَن حَرَكَة الْمُسَمّى والحرف مَا أنبأ عَن معنى لَيْسَ باسم وَلَا فعل ثمَّ قَالَ
1 / 34
لي تتبعه وزد فِيهِ مَا وَقع لَك وَاعْلَم يَا أَبَا الْأسود أَن الْأَسْمَاء ثَلَاثَة ظَاهر ومضمر وَشَيْء لَيْسَ بِظَاهِر وَلَا مُضْمر وَإِنَّمَا تتفاضل الْعلمَاء فِي معرفَة مَا لَيْسَ بِظَاهِر وَلَا مُضْمر
قَالَ أَبُو الْأسود فَجمعت مِنْهُ أَشْيَاء وعرضتها عَلَيْهِ فَكَانَ من ذَلِك حُرُوف النصب فَذكرت مِنْهَا إِن وَأَن وليت وَلَعَلَّ وَكَأن وَلم أذكر لَكِن فَقَالَ لي لم تركتهَا فَقلت لم أحسبها مِنْهَا فَقَالَ بل هِيَ مِنْهَا فزدها فِيهَا
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي حَدثنَا يَمُوت حَدثنَا السجسْتانِي وَهُوَ أَبُو حَاتِم سَمِعت مُحَمَّد بن عباد المهلبي عَن أَبِيه قَالَ سمع أَبُو الْأسود الدؤَلِي
1 / 35
﵁ ﴿أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله﴾ بِالْجَرِّ فَقَالَ لَا تطمئِن نَفسِي إِلَّا أَن أَضَع شَيْئا اصلح بِهِ لحن هَذَا أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي حَدثنِي أبي حَدثنِي أَبُو عِكْرِمَة قَالَ قَالَ الْعُتْبِي ﵀ كتب
1 / 36
مُعَاوِيَة إِلَى زِيَاد يطْلب عبيد الله ابْنه فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ كَلمه فَوَجَدَهُ يلحن فَرده إِلَى زِيَاد وَكتب إِلَيْهِ كتابا يلومه فِيهِ وَيَقُول أمثل عبيد الله يضيع فَبعث زِيَاد إِلَى أبي الْأسود فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْأسود إِن هَذِه الْحَمْرَاء قد كثرت وأفسدت من ألسن الْعَرَب
1 / 37
فَلَو وضعت شَيْئا يصلح بِهِ النَّاس كَلَامهم ويعربون بِهِ كتاب الله فَأبى ذَلِك ابو الْأسود فَوجه زِيَاد رجلا وَقَالَ لَهُ اقعد فِي طَرِيق أبي الْأسود فَإِذا مر بك فاقرأ شَيْئا من الْقُرْآن وتعمد اللّحن فِيهِ فَفعل ذَلِك فَلَمَّا مر بِهِ أَبُو الْأسود رفع الرجل صَوته فَقَرَأَ ﴿أَن الله بَرِيء من الْمُشْركين وَرَسُوله﴾ بِالْجَرِّ فاستعظم ذَلِك أَبُو الْأسود وَقَالَ عز وَجه الله أَن يبرأ من رَسُوله ثمَّ رَجَعَ من فوره إِلَى زِيَاد فَقَالَ يَا هَذَا قد أَجَبْتُك إِلَى مَا سَأَلت وَرَأَيْت أَن ابدأ بإعراب الْقُرْآن فَابْعَثْ إِلَيّ ثَلَاثِينَ رجلا فأحضرهم زِيَاد فَاخْتَارَ مِنْهُم أَبُو الْأسود عشرَة ثمَّ لم يزل يختارهم حَتَّى اخْتَار مِنْهُم رجلا من عبد الْقَيْس فَقَالَ خُذ الْمُصحف وصبغا
1 / 38
يُخَالف لون المداد فَإِذا فتحت شفتي فانقط وَاحِدَة فَوق الْحَرْف وَإِذا ضممتها فَاجْعَلْ النقطة إِلَى جَانب الْحَرْف فَإِذا كسرتها فَاجْعَلْ النقطة من اسفل الْحَرْف فَإِن أتبعت شَيْئا من هَذِه الحركات غنة فانقط نقطتين فابتدأ بالمصحف حَتَّى أَتَى على آخِره ثمَّ وضع الْمُخْتَصر الْمَنْسُوب إِلَيْهِ بعد ذَلِك
وَقَالَ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ ﵀ فِي كتاب الأغاني أخبرنَا أَبُو جَعْفَر بن رستم الطَّبَرِيّ
1 / 39
النَّحْوِيّ عَن أبي عُثْمَان الْمَازِني عَن أبي عمر الْجرْمِي عَن أبي الْحسن الْأَخْفَش عَن
1 / 40
سِيبَوَيْهٍ عَن الْخَلِيل بن أَحْمد عَن عِيسَى بن عمر عَن عبد الله بن أبي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ عَن
1 / 41
عَنْبَسَة الْفِيل وَمَيْمُون الأقرن عَن يحيى بن يعمر اللَّيْثِيّ
أَن ابا الْأسود الدؤَلِي ﵁ دخل إِلَى ابْنَته بِالْبَصْرَةِ فَقَالَت لَهُ يَا أَبَت مَا أَشد الْحر رفعت أَشد فظنها تسأله وتستفهم مِنْهُ أَي زمَان الْحر أَشد فَقَالَ لَهَا شهر ناجر يُرِيد شهر صفر الْجَاهِلِيَّة كَانَت تسمي
1 / 42
شهور السّنة بِهَذِهِ الْأَسْمَاء فَقَالَت يَا أَبَت إِنَّمَا أَخْبَرتك وَلم أَسأَلك فَأتى أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ذهبت لُغَة الْعَرَب لما خالطت الْعَجم وأوشك إِن تطاول عَلَيْهَا زمَان أَن تضمحل فَقَالَ لَهُ وَمَا ذَلِك فَأخْبرهُ خبر ابْنَته فَأمره فَاشْترى صحفا بدرهم وأملى عَلَيْهِ الْكَلَام كُله لَا يخرج عَن اسْم وَفعل وحرف جَاءَ لِمَعْنى وَهَذَا القَوْل أول كتاب سِيبَوَيْهٍ ثمَّ رسم أصُول النَّحْو كلهَا فنقلها النحويون وفرعوها
قَالَ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ ﵀ هَذَا حفظته عَن أبي جَعْفَر وَأَنا حَدِيث السن فكتبته من حفظي وَاللَّفْظ يزِيد وَينْقص وَهَذَا مَعْنَاهُ
وَقَالَ أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ ﵀
أَخْبرنِي عِيسَى بن الْحُسَيْن قَالَ حَدثنَا
1 / 43
حَمَّاد بن إِسْحَاق عَن أَبِيه عَن الْمَدَائِنِي قَالَ أَمر زِيَاد أَبَا الْأسود الدؤَلِي ﵀ أَن ينقط الْمَصَاحِف فنقطها ورسم من النَّحْو رسوما ثمَّ جَاءَ
1 / 44
بعده مَيْمُون الأقرن ﵀ فَزَاد عَلَيْهِ فِي حُدُود الْعَرَبيَّة ثمَّ زَاد فِيهَا بعده عَنْبَسَة بن معدان الْمهرِي ﵀ ثمَّ جَاءَ عبد الله بن أبي إِسْحَاق الْحَضْرَمِيّ وَأَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء رحمهمَا الله فزادا فِيهِ ثمَّ جَاءَ الْخَلِيل بن أَحْمد الْأَزْدِيّ ﵀ فلحب الطَّرِيق
1 / 45
وَنجم عَليّ بن حَمْزَة الْكسَائي ﵀ مولى بني كَاهِل من أَسد فرسم للكوفيين رسوما والآن يعْملُونَ عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو الْفرج ﵀
1 / 46