وجوابها: أنه قد ثبت مجيء النظر بمعنى الانتظار حال تعديته ب(( إلى )) وإسناده إلى الوجوه بالنقول الثابتة والشواهد الواضحة ولاعبرة بمن أنكر ذلك.
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم
ومن أقطع الأدلة وأوضح الشواهد على ذلك:
أقوله تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لاخلاق لهم في الآخرة ولايكلمهم الله ولاينظر إليهم يوم القيامة}(1). فكما تلاحظ مجيء النظر حال تعديته ب(( إلى )) وهو هنا ليس بمعنى الرؤية لأننا لو حملنا النظر المذكور في هذه الآية على الرؤية لأدى ذلك إلى أن الله سبحانه وتعالى لايرى هؤلاء يوم القيامة وهذا محال، ولاوجه لحمل النظر هنا إلا على الرحمة والإحسان، ومن هنا نتبين أن نظر القوي إلى الضعيف هو عطفه ورحمته، ونظر الضعيف إلى القوي هو انتظار ذلك منه.
ب كما إن تعدية النظر بمعنى الانتظار بإلى، مستعملة في كلام العرب، ومن ذلك قول جميل بن معمر:
وإذا نظرت إليك من ملك ... والبحر دونك زدتني نعما
أي وإذا انتظرتك.
وكذلك قول آخر:
وشعث ينظرون إلى بلال ... كما نظر الظمآء حيا الغمام
أي كما انتظر الظماء.
ومثله:
إني إليك لما وعدت لناظر ... نظر الفقير إلى العزيز الموسر
ولاوجه للتفرقة بين كونه مسندا إلى الوجوه أو إلى غيرها فلقد جاء بهذا المعنى مع إسناده إلى الوجوه.
وجوه يوم بدر ناظرات ... إلى الرحمن يأتي بالخلاص
ج قال صاحب اللسان ما نصه: (( ويقول القائل للمؤمل يرجوه: إنما أنظر إلى الله ثم إليك، أي إنما أتوقع فضل الله ثم فضلك ))(2).
পৃষ্ঠা ৫৯