قال الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي عليه السلام: (( فكيف يتوهم أن يكون موسى صلى الله عليه سأل ربه مسألة القوم الذين أخذوا بالنقم من أجل تلك المسألة التي سألوا موسى أن يريهم الله جهرة، وقد علم موسى أن سؤالهم عن ذلك شرك، وقد نهى موسى قومه عن معاني الشرك كلها، ولم يكن صلى الله عليه ليخالفهم إلى مانهاهم عنه؛ لأن مسألة القوم له كفر لايجوز أن يتوهم على موسى أن يسأل الله مسألة هي كفر، ولو كانت مسألة موسى على ما توهم المشبهون لنزلت به من الله العقوبة مثل ما أنزلت بغيره ))(1) اه.
الدليل الثاني:
قوله تعالى: {ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني}(2).
ووجه استدلالهم بهذه الآية هو أن الله سبحانه وتعالى علق الرؤية على استقرار الجبل وهو في ذاته ممكن، والمعلق على الممكن ممكن مثله. وأجيب: بأنه علق حصول الرؤية ووقوعها على حصول الإستقرار لاعلى إمكانه لأنه قال: فإن استقر. ولم يقل فإن أمكن استقراره، والاستقرار لم يقع فلا تقع الرؤية. وفيه دلالة على امتناع الرؤية أبدا من وجه آخر وذلك أنه علق الرؤية في المستقبل لقوله: فسوف. التي هي للإستقبال على استقرار الجبل ولم يحصل الاستقرار فلا تحصل الرؤية في الاستقبال لموسى صلوات الله عليه، فإذا امتنع وقوع الرؤية له في المستقبل وهو كليم الله فغيره بالأولى، ولأن الحاجة إلى الرؤية في الدنيا أعظم ليندفع بها المنكرون للألوهية الملحدون وليزول الشك والارتياب، وأما الآخرة فلا يبقى أي شك ولا ارتياب مع مشاهدة النار والجنة.
وقد يجاب: بأنه لا إمكان بعدما حصل من اندكاك الجبل وانكشف من قضاء الله فيه الذي لايمكن أن يكون المقضي بخلافه فإن الله تعالى لاتبديل لكلماته، وقد كان في علمه أنه لن يستقر الجبل، ولن يتبدل شيء عما كان في علمه تعالى.
পৃষ্ঠা ৪৪