قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {رب أرني أنظر إليك}: (( إن بعض سفهاء بني إسرائيل طلبوا من موسى أن يريهم الله تعالى بدليل ماحكى الله سبحانه عنهم من قولهم: {أرنا الله جهرة}(1) فأنكر عليهم موسى صلوات الله عليه وألزمهم الحجة ونبههم على الحق. فتمادوا وضلوا وقالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة}، فأراد موسى عليه السلام أن يسمعوا النص من الله سبحانه باستحالة ذلك. فقال الله سبحانه: {لن تراني} وخر موسى صلوات الله عليه مغشيا عليه من تلك المقالة العظيمة. فانظر إلى إعظام الله سبحانه وتعالى أمر هذه المسألة، وكيف أرجف الجبل بطالبيها وجعله دكا، وكيف أصعقتهم، ولم يخل كليمه من ذلك مبالغة في إعظام الأمر، وكيف سبح ربه ملتجئا إليه، وتاب من إجراء تلك الكلمة على لسانه، وقال: {أنا أول المؤمنين} ))(2).
شبهة: موسى عليه السلام لو لم يسألها لنفسه لما تاب من سؤاله؟
جوابها: إنما سارع موسى (ع) إلى التوبة لشعوره بالتورط بما سأل وإن كانت له نية حسنة يعلمها الله تعالى، والمقام أيضا يقتضي الإستئذان من الله قبل الإقدام على مثل هذا السؤال.
شبهة: لو أن موسى (ع) سألها لغيره لم يضفها إلى نفسه، ولقال: رب أرهم ينظروا إليك. ولم يقل: رب أرني أنظر إليك.؟
جوابها: لم يضف موسى (ع) الرؤية لنفسه إلا ليعلم قومه أنه إذا منع من رؤية ربه مع علو مرتبته وصفاء سريرته، فهم بالمنع أولى.
পৃষ্ঠা ৪২