وكان في الأمة الإسلامية ولم يزل فريق يريدون أن يستغلوا الدين لمصالحهم الشخصية، أو يسخروه لإثبات أهوائهم المضلة، وقد أراد الإسلام تطويق هذا الفريق، فجاء في الكتاب: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب}(1).
هكذا وضح القرآن الكريم نوايا هذا الفريق الفاسدة، وإنهم سيتبعون ما تشابه منه قاصدين الفتنة والإغواء.
وهنا لا بد من الإشارة إلى قضية هامة وهي ضرورة رد المتشابه إلى أصل الكتاب وهو المحكم وحمله عليه في حال عدم ظهوره، وضرورة تأويله مع ما يتناسب مع القرائن العقلية والصرائح النقلية القطعية القاضية بعظمة الله وعدم مشابهته لمخلوقاته، وقد علمنا الله ذلك في كثير من آياته، منها قوله تعالى:{يوم يكشف عن ساق}(2) أي عن شدة، وهذا مألوف في لغة العرب. والقرآن نزل بلغتهم فهم يقولون عند اشتداد الحرب:
كشفت لهم عن ساقها ... وبدا من الشر الصراح
وكما في قوله تعالى: {وجاء ربك} أي جاء ثوابه مثلما في قوله تعالى: {واسأل القرية} أي أهل القرية.
পৃষ্ঠা ১৮