রুহ থাওরাত ও ফরাসি বিপ্লব
روح الثورات والثورة الفرنسية
জনগুলি
ولما أعيا الاستبداد اليعقوبي جميع الناس رأى ذانك المجلسان الكبيران أن يعمرا فرنسة التي عمها الخراب وأن يقيما حكومة دستورية غير مستبدة، غير أن الأقدار الثورية التي كانت فوق عزيمة الرجال جعلت أعضاءهما - مع ما فيهم من صدق نية - يفعلون خلاف ما يريدون، فقد رجوا أن يكونوا معتدلين فظهروا بمظهر الأشداء، ورغبوا أن يقضوا على نفوذ اليعاقبة فاقتدوا بهم، وحلموا أن يصلحوا ما خرب فزادوه ضغثا على إبالة، وتمنوا أن يعم السلم الدينية فاضطهدوا الكهنة، وأعملوا السيف في رقابهم بأشد مما وقع أيام الهول.
وبعكس ذلك كانت نفسية المجلس الصغير المؤلف من خمسة مديرين، لقد كانت مواجهته للمصاعب اليومية تدفعه إلى حلها مع أن ذينك المجلسين النيابيين اقتصرا على إبداء الرغائب لبعدهما من الحقائق.
وكان المديرون - وهم الذين لم يكترثوا للمبادئ - يحبون أن يبقوا سادة، وكانوا يأتون، لهذا الغرض، أقسى الأعمال وأكثرها مخالفة للقانون، ولكنهم، وإن استطاعوا بظلمهم أن يتسلطوا على البلاد، لم يحسنوا سياستها، وحسن السياسة هو أشد ما كانت تحتاج إليه.
اشتهرت حكومة العهد في التاريخ بشدتها، وحكومة الديركتوار بضعفها مع أن من الثابت أن الثانية كانت أقوى من الأولى، ويتضح ما بين حكومة الديركتوار وحكومة المجالس السابقة من الفروق، ما يأتي:
من الممكن أن تشتد الحماسة في مجلس يضم ستمئة عضو أو سبعمئة عضو كما حدث في ليلة 4 من أغسطس، وأن تدفعه شدة العزيمة إلى شهر الحرب على الملوك كلهم، ولكن هذه الاندفاعات لا تكون قوية لعدم استمرارها، وأما المجلس المؤلف من خمسة أعضاء وبالمتغلب عليه أحد أعضائه فيكون ذا عزيمة مستمرة، أي ذا ثبات في سيره، ومن هذا النوع مجلس المديرين الخمسة الذي كان ذا إرادة قوية، فلم يبال بالقانون ولا بأبناء الوطن ولا بالمصلحة العامة، والذي أثقل كاهل فرنسة باستبداد لم تأت مثله حكومة ظهرت منذ بدء الثورة الفرنسية.
وحكومة الديركتوار كحكومة العهد، لم تستطع أن تكون سيدة فرنسة مع ما التجأت إليه من أساليب استبداديه، وهذا الأمر، الذي أشرنا إليه سابقا، يثبت لنا ما في الضغط المادي من العجز عن قهر القوى الأدبية الموروثة عن الأجداد، ويصعب أن يقال إننا عاطلون من مثل هذه القوى التي هي قوام المجتمع، فالمجتمع لا يقوم إلا ببعض الروادع، أي بالقوانين والعادات والتقاليد الوازعة لغرائز الإنسان الهمجية التي لا تزول منه زوالا تاما. (2) حكومة الديركتوار المستبدة، مظالمها
استأنف المديرون حروب الفتح؛ لتحويل الأنظار، وإلهاء الجند، ونهب الأموال من البلدان المجاورة، فاستغرقت هذه الحروب أيامهم كلها، وقد رجعت الجيوش منها، ولا سيما من إيطالية، ظافرة ذات مغانم كثيرة.
وظهر بعض سكان البلاد المفتتحة بمظهر الساذج البسيط فظنوا أن فرنسة لم تقم بالفتح إلا لمنفعتهم، ولكنهم لم يلبثوا أن رأوا أن الفتح أعقبته ضرائب ثقيلة ونهب للكنائس وسلب لبيوت المال، وأدت هذه السياسة إلى تحالف دولي جديد ضد فرنسة دام حتى سنة 1801.
قضى المديرون، الذين لم يبالوا بأمر البلاد، ولم يكونوا أهلا لتنظيمها، أوقاتهم في مكافحة المؤامرات واتخاذ الطرق التي يظلون بها قابضين على زمام السلطة، ولما اشتدت الفوضى وصار الناس يتطلبون يدا قوية قادرة على توطيد أركان النظام أحست الأمة - ومنها المديرون أنفسهم - أن النظام الجمهوري قرب أجله.
ورأى بعض الناس إعادة الملكية، ورأى غيرهم إعادة نظام الهول، ورأي آخرون تفويض الأمر إلى قائد، ولم يخش تبديل النظام سوى المستولين على الأموال الوطنية.
অজানা পৃষ্ঠা