রুসো: একটি খুব ছোট ভূমিকা
روسو: مقدمة قصيرة جدا
জনগুলি
في رواية «إميل»، وبالقدر نفسه من خلال تبادل الآراء الأدبية في «إلواز الجديدة»، وصف روسو فن التربية الصعب دون تعاليم، وإنجاز كل شيء عن طريق عدم فعل شيء (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية) الذي يعتبر نقيض تدريب العقول أو الارتقاء بالشخصية. أوضح روسو لقرائه أن أهم قاعدة في التربية كلها ليست كسب الوقت بل فقدانه، وسلك المسار غير المعتاد لضمان ألا تترك التربية الأولى للطفل أي أثر عليه، بل يكون أثرها بدلا من ذلك «سلبيا تماما» (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). إن التربية الإيجابية، على غرار ما ينادي به هلفتيوس، هي التربية التي يدينها روسو، في «رسالة إلى كريستوف دي بومون»، باعتبارها محاولة لتشكيل عقول شبابية قبل الأوان؛ مما يثقل كاهل الأطفال بصفات لا يتحلى بها سوى الراشدين. وفي المقابل، وصف روسو في تلك الرسالة «التربية السلبية»، مرة أخرى، بأنها تمكن الأطفال من تشكيل عقولهم في الوقت المناسب؛ ومن ثم فهي نوع التربية الوحيد الصالح (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع). وحتى في خطته الخاصة بالتربية العامة في «حكومة بولندا»، طرح روسو بالضبط الافتراض نفسه مجددا. فالتربية السلبية وحدها التي تتفق مع الميول الطبيعية للأطفال يمكنها الحيلولة دون ظهور الرذيلة، بحسب زعمه (الأعمال الكاملة، المجلد الثالث؛ العقد الاجتماعي وكتابات سياسية متأخرة أخرى). ولذلك، فإن دحضه لهلفتيوس جعله يميل في «إميل» وفي مواطن أخرى نحو مفهوم للصفات الطبيعية للإنسان أقل طوعا في بعض جوانبه منه في «خطاب عن اللامساواة».
وفي سعيهم لوضع برنامج للتربية السلبية، نصح روسو المربين بأن ينحوا الكتب جانبا، ويقدموا دروسا بدلا من ذلك يستطيع الأطفال من خلالها التعلم بالتجربة المباشرة، أحيانا في مواقف مصممة بالكامل مقدما بحيث تطمس الإحساس الذي يفترض فيه بأنهم حملوا على التعويل على الأشياء لا البشر، وبالتالي تحفظ لهم حريتهم، بحسب توضيح روسو للأمر في «إميل». لاحظ روسو أن القراءة هي عموما لعنة الطفولة، وحتى القصص الخيالية الساحرة للافونتين يجب تجنبها؛ فالغرض الأخلاقي لمثل هذه الحكايات الشعرية عقيم بالنسبة إلى الأطفال الذين يخفقون على الأرجح في فهم مغزاها ويتشبهون بالشخصيات الخاطئة داخلها (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). وبما أننا ولدنا غير مكتملين جسمانيا وروحيا، ينبغي أن يسمح لنا بالمرور بشكل طبيعي بمراحل نمونا الطبيعي؛ من مرحلة الرضاعة إلى مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ إلى مرحلة المراهقة ومنها إلى مرحلة الرشد، وهي المراحل التي تشاكلها تقريبا كتب رواية «إميل»، التي تعتبر عملا متخصصا في التربية الطبيعية. علق روسو في الكتاب الأول (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية) أنه مع الحياة تظهر الاحتياجات، لكنها تختلف عن رغبات الأطفال التي تستثار جدا بفعل الخيال لدرجة يستحيل معها إشباعها؛ مما يجعل الأطفال مستبدين في طموحاتهم وشكسين في إحباطاتهم، لأسباب وصفها أتباع فرويد لاحقا باسم الانحراف متعدد الأشكال للأطفال. سيجد الطفل ما يشبعه، لا في التوسيع اللامحدود لإمكاناته، ولا في كبت رغباته، بل في تحجيم فرط رغباته على قوة إمكاناته؛ مما يحقق التوازن بين إرادته وقوته (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية).
وبينما ينمو عقل الطفل وجسده، كذلك تترسخ رغباته الناشئة داخله. ولد إميل لا ليكون وحيدا، بل، شأنه شأن غيره من بني جنسه، ولد ليدلف إلى النظام الأخلاقي أو نطاق الحياة الاجتماعية (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). إن ضعفنا يجعلنا اجتماعيين، هكذا اقترح هنا روسو متأسيا ببوفندورف، ومصائبنا المشتركة تؤلف بيننا بالمودة، بالضبط كما توحد بيننا احتياجاتنا المشتركة بفعل المصلحة (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). ومن ردود الأفعال الغريزية للشفقة، وهو الشعور النسبي الأول، سينبع تماهي الأطفال مع معاناة الآخرين، في افتراض وجودهم نفسه (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). في الكتاب الرابع، قدم روسو تبعا لذلك روايته للشفقة من خلال ثلاث قواعد؛ الأولى: أننا لا نضع أنفسنا محل الأسعد منا حالا، بل الأكثر منا بؤسا، والثانية: أننا نأسى لحال الآخرين فقط بسبب المعاناة التي لا نعتقد أننا محصنون ضدها، والثالثة: أننا نشعر بالتعاطف، لا مع حجم المعاناة التي يعيشها الآخرون، بل مع عمق تعاستهم (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). وفي صحبة الراشدين أولا، ومن بعدهم أطفال مثلهم، يكتشف الصغار أيضا أن رغباتهم الملحة يشبعها الذين يدعمون احترامهم الوليد لأنفسهم عبر الأثر الذي يتركونه عليهم، ولاحقا تصورهم لكيفية نظر الآخرين إليهم. دعانا روسو لأن نمد حبنا لذاتنا إلى الآخرين، فنجعل إحساسنا بمكانتنا مهما لمن حولنا، الأمر الذي نستطيع تحقيقه فقط إذا نلنا التقدير؛ مما يحيل حبنا الطبيعي لذاتنا إلى فضيلة أخلاقية. بمثل هذه الحجة المختلفة بشكل شديد عن حجته في «خطاب عن اللامساواة»، تتضح فائدة حب الذات المتمايز عن الفخر والخيلاء اللذين يبدوان الآن من الآثار الفاسدة لا من صور تجسيد هذا الحب (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية).
علاوة على ذلك، فإن خروجنا من مرحلة الطفولة تفرضه علينا بالقدر نفسه الطبيعة. وخلال نمونا الجسمي، ننتقل تدريجيا من براءة الرغبة التي ما زالت غائبة إلى الرغبات الوليدة لمرحلة البلوغ التي، مع زيادة وضوح مظاهر الاختلاف الجنسي، وبعزو العقل للأهمية له، تمثل الميلاد الثاني للأطفال (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). كتب روسو في الكتاب الرابع أن «نيران المراهقة لا تعد بالمرة عقبة أمام التربية، بل وسيلة لاستكمالها وإتمامها»، موصيا المعلمين أن يجيبوا أسئلة الشباب عن الجنس دون إلغاز أو إحراج أو ضحك، فهم بذلك يعدون وسيلة لإشباع الفضول الجنسي لدى المراهق وليس إثارتها (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). وإثارة الرغبة الوليدة يفرض أيضا، إذا كان للمرء أن يستلذ بها بالكامل، وجوب توجيهها بحيث يكتشف، إذا أراد الشاب أن يحظى بحب الآخرين، أنه يجب أن يجعل نفسه محبوبا؛ وبذلك تنمي حاجته لممارسة الجنس نفسها اهتماما بعمل صداقات (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). هنا تحديدا، وكذلك في مواضع أخرى من هذا العمل، يتعرض القراء لصور للتحول الداخلي للرغبات البشرية، تصل إلى ذروتها في ظل أدنى قدر من المعوقات عندما لا يتدخل معلم إميل ليمد يد المساعدة. افترض روسو أن الباعث الأناني للرغبة الجنسية تقوى شوكته إذ يسمو بفعل عاطفة الحب المتبادلة. وفي المقابل، اختتم لوك، بعد تعليقه على منافع السفر إلى البلاد الأخرى ، كتابه «آراء في التربية» والشاب النبيل الذي يصوره على أعتاب الزواج، تاركا إياه بعدها في كنف زوجته وتحت رعايتها (آراء في التربية). واختتم روسو أيضا جزءا يتناول الأسفار قرب نهاية كتاب «إميل»، ملاحظا أن كل من رأى شعبا واحدا وحسب لا يعرف البشرية حق المعرفة (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). لكنه لا يضاهي لوك خجلا من تناول الجنس، بل كرس قسما من الكتاب الرابع ومعظم الكتاب الخامس من «إميل» لاكتمال الجنس بالحب، ولإشباع الرجل والمرأة كل لرغباته في الآخر.
شكل 5-4: «أول قبلة حب»، بريشة مورو الأصغر، وهي صورة تمثل عمل «إلواز الجديدة» لطبعة بوبر من «الأعمال الكاملة» لروسو (بروكسل، 1774-1783).
قال روسو في الكتاب الخامس من «إميل» وهو يقدم إميل لرفيقته صوفي التي وعده إياها معلمه، وكأنه يذعن، كالرب، لحاجة آدم إلى حواء: «خلقت المرأة خصيصى لإمتاع الرجل.» وإذ أنعم عليها الرب بكل السمات التي تناسب حال جنسها ونوعها، جسميا وأخلاقيا (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية)، فهي متقلبة المزاج بطبيعتها، وتتعلم بالإخلاص البسيط أيضا كيف تمسي متدينة. ولكن، بينما هي على دراية بمواهبها الفطرية، فلا تتوافر لها الفرصة الكافية لصقلها، وترضى بدلا من ذلك بتدريب صوتها الجميل لتنشد بنغم عذب، وتعود قدميها على المشي بسلاسة ولطف (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). ورغم أن صوفي، شأنها شأن غيرها من النساء، تنضج مزاجيا أسرع من الرجال، حيث تتشكل قدرتها على الحكم على الأمور في فترة أسبق، فليس في مقدورها كالرجال بطبيعتهم البحث عن الحقائق المجردة والتأملية، حيث إنها أكثر براعة في السفسطة. وبدلا من سبر أغوار العلوم القائمة على الاستدلال، ينبغي على المرأة أن تمر عليها مرور الكرام، موظفة قدراتها الكبيرة في الملاحظة بدلا من عبقرية الرجل الأكبر، وتولي القراءة اهتماما أقل من الاهتمام الذي توليه للعالم على العموم الذي يعتبر «كتاب المرأة» (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). الجنس الناعم ليس ناقصا بأي حال من الأحوال؛ لأن النساء منذ الميلاد مساويات للرجال ، وحتى سن البلوغ يتعذر إلى حد كبير التمييز بين الفتيات والصبية. لكن النساء يختلفن عن الرجال جسميا، وفي نموهن الجنسي يبدون، إذا جاز التعبير، وكأنهن يحافظن دوما على طفولتهن، ويعشن في حالة طبيعية باستمرار، وإن كانت ليست بريئة على الدوام، وغايتهن الأساسية هي إنجاب الأطفال (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). فإعلان إميل لمعلمه، في الفقرة الأخيرة من عمل روسو، أن صوفي حامل لا يبشر وحسب بسعادة الأب، ولكن أيضا بتحقيق صوفي للغرض من حياتها خاصة بإنجابها تلميذا جديدا، يفترض إميل، إن لم يكن روسو نفسه، أنه صبي وسيكلف معلم جديد شبيه بمعلم إميل بتربيته (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). إن صوفي ذات العقل الجميل لا العبقري، والشخصية الرزينة لا العميقة، تجد تشجيعا فقط على أداء مهام بنات جنسها التي تحيط بها علما (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). وإذ تختلف النساء عن الرجال في المزاج والشخصية، فلا ينبغي أن يشتركا في نوع التربية نفسه، بحسب استنتاج روسو (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية).
كان استقبال دعاة تحرير المرأة من نير عبودية الرجل وطغيانه لتلك التأملات، مماثلا لذلك الخاص برئيس أساقفة باريس تجاه قسم «عقيدة كاهن سافوي». خلال الثورة الفرنسية، وإثر إقرار «إعلان حقوق الإنسان» عام 1789، زعمت ماري وولستنكرافت أن تمييز روسو الزائف بين الجنسين عضد إنكار الرجال على النساء الحقوق نفسها التي يتمتعون بها. وفي عملها «دفاع عن حقوق المرأة» الصادر عام 1792، أعربت وولستنكرافت عن خيبة أملها فيمن كانت من المعجبين بشدة بفلسفته التربوية، معتبرة تعليقاته على النساء في «إميل» متعارضة مع هجومه، في «خطاب عن اللامساواة»، على الذين يخلطون ما بين الإنسان المدني والهمجي. لقد حول روسو النساء إلى كائنات تستحق الشفقة التي تصل حد الازدراء، بحسب زعمها، مع شيء من الإنصاف الظاهري، إذ استند إلى الحالة التي يرثى لها التي وصلن إليها كدليل على طبيعتهن الفطرية، وبذلك شوه مشاعره القوية حيال الجنس البشري بملاحظات ساذجة عن قدمي صوفي الرقيقتين.
لكن وولستنكرافت جانبها الصواب عندما افترضت أن روسو نظر إلى النساء، استنادا إلى نوعهن، بشفقة أو احتقار. على العكس تماما، فقد كان يعشق النساء، ويفتتن بصحبتهن، وسحر لبه الحوار الممتع مع السيدة دي لوكسمبرج ولفتاتها الطيبة التي أسبغتها عليه في مونتمورنسي، وتأثر أيما تأثر بالعاهرة زوليتا في البندقية التي أشارت عليه بازدراء أن «اهجر النساء، يا جاكو، وادرس الرياضيات» عندما أحبط رغبته تأففه الجنسي من ثدييها غير المستويين في لقاء وصفه في عمله «اعترافات» بأنه أكثر واقعة موحية وكاشفة عن شخصيته في حياته كلها (الأعمال الكاملة، المجلد الأول؛ اعترافات). ولدت رواية «إميل» إلى حد ما من واقع عشق روسو لصوفي أخرى - صوفي دوديتو - التي كان لها مزاج مختلف وطبيعة متباينة عن صوفي بطلة روايته، وكانت في واقع الأمر، أكثر من أي امرأة أخرى أثرت فيه، أبعد ما تكون عن متناول يديه، ولم يصل إليها إلا بكلماته. كان روسو عادة ينظر إلى المرأة نظرة هيبة لا تهكم وسخرية، حيث افترض أن أثرهن على الرجال كبير جدا لدرجة أنه عندما تتدنى طبيعتهن، كأن يصبحن ممثلات، فإنهن يتحملن مسئولية انحطاط الأخلاق عند الرجال. ولقد كانت هذه الفكرة المحورية لعمله «رسالة إلى السيد دالمبير عن المسرح» وهو أمر أسر به إلى توسان-بيير لينييبس في رسالة بتاريخ 8 نوفمبر 1758 (المراسلات الكاملة، الرسالة رقم 730). قال روسو في هذه الرسالة إن «الرجال في كل مكان هم صنيعة النساء»، ناسبا للمرأة تأثيرا على الحياة الأخلاقية للرجال يعزوه في عمله «اعترافات» بالقدر نفسه تقريبا إلى الحكومة. وأكد روسو على أنه لا يجب الفصل بين الجنسين مطلقا؛ وذلك لأن كلا منهما يعول على الآخر. وهي المسألة التي تتجلى بالقدر الكافي في عمله «رسالة إلى السيد دالمبير عن المسرح» نفسه، حيث يؤكد على أن «المنزل الذي تغيب عنه ربته كالجسد الذي تغيب عنه روحه الذي سرعان ما يصيبه العطب» (الأعمال الكاملة، المجلد الخامس؛ السياسة والفنون: رسالة إلى السيد دالمبير عن المسرح).
في «إلواز الجديدة»، تمثل الرسالة رقم 18 من الجزء الثالث ، التي تتناول زواج جولي من وولمار، الذروة الرومانسية والقسم المحوري للرواية كلها. وبالمثل في «إميل»، فإن الغاية الأساسية للقسم الذي يتناول صوفي والنساء هي استكمال صورة تشكل هوية الإنسان من عزلته الجنينية حتى الرابطة الزوجية الناجمة عن الاختلاف الجنسي. وغاية روسو الأساسية ليست إنكار الحقوق المدنية لصوفي أو التربية الحرة لزوجها، بل بيان كيف أن الروح البشرية يستحوذ عليها الحب، على غرار ما ذكره أفلاطون، «الفيلسوف الحقيقي للعشاق»، كما وصفه روسو في «إلواز الجديدة» (الأعمال الكاملة، المجلد الثاني؛ جولي أو إلواز الجديدة). غاية روسو أن يبين لقرائه «كيف أن ما هو جسدي يفضي بنا، على نحو عفوي، إلى ما هو أخلاقي، وكيف أن أجمل قواعد الحب تولد شيئا فشيئا من رحم التوحد الخشن بين الجنسين» (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية)، حيث يتكون كيان أخلاقي، كامل النمو من الخصال التكاملية للزوج والزوجة، لم يكن ليتحقق له التماسك لو تحدد دور المرأة فيه بشكل مستقل. وهذا التوحد تحت مظلة الزواج، الذي يتحقق في بيئة طبيعية مدفوعة بحاجة جسدية وحب روحي للذات، يختلف تماما عن تجمع المواطنين على الملأ في جمعية عامة سياسية، بحسب الوصف الوارد في «العقد الاجتماعي»؛ فالحب في هذا التوحد يربط ما بين كل شريك وشريكه لا بينهما وبين الدولة. لاحظ روسو في بداية الكتاب الأول من «إميل» أنه «عندما يخير المرء بين معارضة الطبيعة أو المؤسسات الاجتماعية، يتعين عليه الاختيار ما بين أن يكون رجلا أو مواطنا»، معلنا، بأسلوب شبيه، في بعض الملاحظات المتفرقة حول موضوع السعادة العامة: «قدم رجلا بالكامل للدولة، أو اتركه بالكامل لطبيعته، ولكن عندما تشتت قلبه بين الاثنين، فإنك بذلك تمزقه تمزيقا» (الأعمال الكاملة، المجلد الثالث؛ الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). يجب أن ينزع تلميذ الطبيعة من المجتمع، ويترك لطبيعته، كما لو كان يتيما (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية). والكتاب الوحيد المناسب له، وهو الذي سيشكل لفترة طويلة مكتبته بالكامل، هو رواية دانيال ديفو «روبنسون كروزو » (الأعمال الكاملة، المجلد الرابع؛ إميل، أو عن التربية).
الفصل السادس
অজানা পৃষ্ঠা