রোকাম্বোল
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
জনগুলি
فضحكت وأخبرته بأمرها، وكيف أنهم خدعوها وأرسلوها مجنونة إلى البيمارستان، وكيف خلصت منه، وكيف أقامت مقامها في منزلها امرأة سواها باسمها، وأنها قادمة إليه ترجو مساعدته وإسعافه، وأن يعطيها مبلغا من المال تستعين به على أمرها؛ لأنها أخذت من منزلها ولا مال معها.
فنقدها البارون ما شاءت، وسألها عن الإسعاف الذي تطلب فقالت: هو أن تكتب لي تذكرتين إلى مدير الشرطة، وقاضي التحقيق؛ لأن لي معهما شأنا أريد أن يسعفاني فيه، وأن يسمعا ما أنصه عليهما منه، وأن لا يسألها أكثر من ذلك، فأطاعها البارون كما هو دأبه وكتب لها ما سألته، فوضعت الرسالتين في جيبها شاكرة مسرورة، وكانت قد استبدلت ثياب الخادمة بما كان لها من الثياب في منزل عشيقها البارون، ثم ركبت في الساعة الثامنة من الصباح مركبة، وانطلقت مسرعة إلى مدير الشرطة.
وكان البارون معروف المقام لدى هؤلاء القوم، فلما قرأ المدير رقعته أمر بإدخال باكارا إليه، وكان يهمه أن يراها لما شاع من وجود فرناند عندها، وأنهم قبضوا عليه بتهمة السرقة فاستقبلها وهو يقول: يسرني أن أراك يا سيدتي؛ لأن المحكمة تلح علي من يومين أن أقبض عليك، ولكن يظهر قدومك لي بنفسك أنني لا أحتاج إلى هذا الأمر؛ لأنني سأعرف منك شيئا. - نعم، وهو شيء مهم. ثم قصت عليه في حديث طويل كل حكايتها مع السير فيليام، وكيف اتهم فرناند افتراء وزورا إلى آخر ما يعرفه القراء مما في علمها من هذا الشأن، وبينما هو منذهل من حديثها وغرابة تلك الخدعة قالت: والآن أتسمح لي أن أقابل فرناند في حبسه؟ - ذلك يحتاج إلى إذن قاضي التحقيق.
فأعطته الفتاة التذكرة التي معها باسم القاضي، وأضاف هو من عنده سطرا، وأرسلها مع أحد الحجاب، ولم يلبث أن جاءه الجواب بالإذن، فأمر الحاجب أن يوصلها إلى سجن فرناند، وسألها أن ترجع إليه بعد نهاية المقابلة.
وكان قبل دخولها عليه بقليل خرج من عنده ليون والكونت أرمان بعد أن أطمعاه بالخلاص من ورطته، ولما دخلت إلى سجنه وجدته في جانب سريره مهموما مفكرا، فدنت منه وطوقته بذراعها، فاندهش من مرآها في بادئ الأمر، حتى تبسم بالرغم عنه كما يتبسم العاشق لمعشوقه المسيء إليه، وينسى إساءته عند أول وهلة من مرآه، ثم خطر له ما وصل إليه من إساءتها واعتدائها، فدفعها عنه بازدراء وقال: أتتبعيني إلى هنا؟ - رويدا يا فرناند، إنك تكون ذا حق باحتقاري، ولكني أرجو منك أن تسمع لي ما أقول، وأن تعي برهان براءتك من ذلك كما ألقيه عليك. - أتقرين الآن بأنني غير مجرم. - بل أقر أكثر من ذاك، أي بأسماء المجرمين الحقيقيين. - عجبا! إلى هذا الحد؟
فتنهدت الفتاة وغطت وجهها بيديها، وقالت: ويلاه! إنه لا يصدقني، ولا يزال يحسبني شريكتهم في الذنب.
وكان في صوتها رنة حنو وحزن رق لها قلب فرناند، وتلطف معها وقال: ألم تكوني أنت الساعية في هلاكي؟ - عجبا يا فرناند! أيسعى إنسان في إهلاك من يهواه؟
ثم ركعت أمامه وشخصت إليه بعينين مغرورقتين بالدمع، وقالت له بصوت الحزين اللائم: إنه لو كان لي عرش لأعطيتك إياه.
وكان صوتها اللطيف ومنظرها المؤثر قد فعلا في قلب فرناند حتى رق لها وأنهضها وهو يقول: صدقت، فإن من المستحيل أن تسعي في إهلاكي ما دمت تقولين إنك تحبينني، فتكلمي وأفصحي عما تعلمين.
وأخذت يده برفق، وقالت وهي تنظر إليه نظرة ملؤها الحنو والغرام: عفوا يا فرناند إذا تجاسرت وقلت لك إنني أهواك، أنا التي لا أستحق أن تهواني ولست إلا فتاة ساقطة، ولكن براءتي من ذنبي إليك تستلزم أن أقر لك بهواك، وما أنكر عليك أنني لست أهلا لك، ولا مستحقة لودادك، ولكني أسمع أن الحب الحقيقي يظهر من الأدناس ويصلح فاسد القلوب، ويكون داعي مغفرة وسماح من عند الله الذي يغفر كثيرا لمن يحب كثيرا. - نعم؟ ثم ماذا؟ - إني أنا باكارا المرأة الساقطة لدى الجميع، قد شعرت أنني صرت خيرا مما كنت من يوم علق قلبي بهواك، وصرت أحسب أنني أصبحت شريفة يوم دخل إلى قلبي شعاع من الأمل بأنك تهواني، ولكن عفوا إذا انطلق لساني في شكوى الغرام، فإنما أنا قادمة لأجلك وساعية في خلاصك، فاسمع ما أقول لك. ثم مسحت مدامعها وشددت صوتها، وقالت: إن أول مرة رأيتك فيها يا سيدي كنت في النافذة عند أختي، وكنت أنت في نافذتك، ولكنك لم تكلمني ولم تنظر إلي، وأظن أنك لم تشعر بوجودي أيضا، ولكن ذلك لم يمنعني عن غرامك عند أول نظرة إليك، وعند أول خفوق من فؤادي، عند تلك النظرة فأحببتك، ولكن لا تسل كيف، إني بكل ما يمكن للقلب أن يحب، ومن تلك اللحظة أخذ الحب فؤادي وعقلي وكل حياتي بأسرها؛ لأنك تعلم أن امرأة مثلي مارست أصناف الرجال، ولعبت بقلوب الفتيان، واستهوت نفس العاشقين، لا يدخل الحب قلبها إلا اغتصابا، ولكنها متى أحبت فهي مجنونة هواها لا تحسب فيه للعواقب حسابا.
অজানা পৃষ্ঠা