استشهد عقبة وأصحابه، جمع كسيلة جميع [أهل] (١٢٥) المغرب (١٢٦)، وزحف إلى القيروان. فانقلبت إفريقية نارا، وعظم البلاء على المسلمين، فخرجوا هاربين لعظم ما اجتمع من البربر والروم مع كسيلة، ولم يبق فيها إلى الشيوخ الهرمى (١٢٧) والنسوان والأطفال وكل مثقل بالعيال (١٢٨). وحار الناس، وأرسلوا إلى كسيلة يسألونه الأمان، ووثقوا بدعوة عقبة رحمه الله تعالى، فأجابهم إلى ذلك، ودخل القيروان، وجلس في موضع عقبة، وبقى بقية المسلمين تحت يديه. ومضى الذين هربوا حتى قدموا على يزيد فوجدوه توفي سنة أربع وستين».
ذكر أبو العرب (١٢٩) أن «زهير بن قيس البلوي» خليفة عقبة لما بلغه ما جرى على عقبة رعب رعبا شديدا، وأراد الانصراف إلى مصر، فأبى «ابن حيان الحضرمي» (١٣٠)، وقال: «لا تفعل، فإنها هزيمة إلى مصر» فكان أول من برز فضرب خباءه مبارزا للعدو، فلما رأى زهير عزمه، عزم معه (١٣١)، وكان مع المسلمين في عسكرهم تبيع (١٣٢) ابن امرأة كعب الأحبار فقال له زهير: «لمن تراها؟»