كان شاعرنا قد كبر سنه وضعف عظمه،حتى في أيام الإمام بلعرب بن سلطان ثم بعد وقوع الفتنة بين بلعرب وأخيه سيف لم نر لشاعرنا ولا لغيره من الشعراء ذكرا لهذه الفتنة،ولا أدري ما الذي منعهم من الخوض فيها وذكر أرائهم وحديث الشارع العام- بمصطلح اليوم- ربما هو كان السبب الخوف من الأحداث أو ربما - ولا نريد ظلمهم- كانوا يخشون أن ينتصر واحد ذموه في شعرهم ثم لا يجدون منه نوالا ولا مجلسا فتكون الخسارة على رأسهم، وذلك كما فعل أبو نواس حينما اصطرع الأمين والمأمون على الحكم، بقي متفرجا حتى نهاية الصراع ثم ما لبث أن انجاز إلى المنتصر وهكذا كان كثير من الشعراء، وحتى العلماء وهذا ما لا نظنه في شعرائنا وعلمائنا ، وغن كنا لا نبرئ الجميع من هذا المسلك.
وشاعرنا بعد رثائه لبلعرب بن سلطان توقف عن الشعر،لا ندري هل ألجمته الفتنة أم تخطفته يد المنون، وبهذا الأخير نرجح وهو بأن تكون وفاة شاعرنا الكبير في أول أيام سيف بن سلطان الأول، أي في عام 1106ه، وذلك لأن الصدمة التي خلفتها الفتنة وخروج سيف على أخيه بلعرب كانت عظيمة، بكل مقاييس العظمة، وذلك لأنهم لم يكونوا يأخذون شيئا على بلعرب، ولم يكونوا يرون فيه إلا الإمام العادل الشهم الكريم، الذي كان يرفد المحتاج،ويصل المقطوع وينصر المظلوم، وكانوا يرونه إمام علم وتقوى وحضارة وتاريخ، فكان الانقلاب عليه فجيعة العصر، كبوة الدهر.
اللغة عند الشاعر:
كان شاعرنا كغيره من الشعراء الذين عاشوا في عصره وما سبقه، وحتى وقت قريب يميلون إلى الألفاظ الكزة والألفاظ الحوشية والجزلة، ولكنك تجد في كثير من الأحايين ألفاظا رقراقة سهلة في أشعارهم،وهم في ذلك ليسوا بدعا، وإنما كان الشعر العربي في مجمله يعاني من حالة الجمود والتقليد والاجترار أو ما يسميه بعض النقاد بفترة الانحطاط ويسمون ما بعدها بعصر الإحياء والتجديد.
পৃষ্ঠা ৪