القول الفصل في ثبوت صحبة شمهروش أم لا؟ قررنا الطعن في رواية الجن بعدم معرفة عدالتهم التي هي الشرط في مدعي الصحبة، وبورود الإنذار بخروج شياطين يحدثون الناس، ونزيد هنا أن الذين ألفوا في أسماء الصحابة قد ذكروا من حفظ ذكره من الجن فلم يذكروا شمهروش من جملتهم، ولا سمعوا بذكره، ومن المعلوم أن همم الناس ودواعيهم مفتقرة إلى نقل نوادر الأخبار.
وأين كان شمهروش قبل المائة العاشرة؟ فلو كان موجودا لاشتهر إذ ذاك، ولكنه لم ينقل عنه شيء، ولم يعرف اسمه إلا في المائة العاشرة فما بعدها، وهكذا القول في عبد المؤمن الذي انفرد بالرواية عنه ابن ناصر حسبما يأتي، والذي يظهر أنه كان شيطانا سولت له نفسه ادعاء الصحبة، وظهر لبعض الناس مدلسا عليهم بافترائه الاجتماع مع النبي صلى الله عليه وسلم وسماعه منه، فصدقوه في مدعاه بغير حجة شرعية، وقول من قال: إن الذين اجتمعوا به قد ألهموا صدقه في ما أخبر به، وهو مستند لا ينهض بهم من وهدة السقوط، ولا يكفيهم في تصديقه في مدعاه، لما قررنا أن الإلهام غير حجة في الشرعيات، لأنه يخطئ ويصيب، وربما يكون ذلك الإلهام من الشيطان، قال تعالى: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم} [الأنعام: 121] .
فاعلم ذلك ولا تغتر برواية من ادعى الرواية عنه ولقياه ولو بلغت جلالته ما بلغت، فقد لبس عليه، والغالب أن الذين رووا عنهم هم من الصوفية ومبنى طريقهم على حسن الظن، ولهذا حذر الأئمة النقاد من روايتهم كما هو مصرح به في أول صحيح مسلم وشراحه، وتكلم عليه ابن الجوزي في أول الموضوعات، وأشار إليه في صفوة الصفوة الذي اختصر فيه كتاب الحلية، وقد لخصنا ذلك في كتابنا، المهدوية والمهديون.
পৃষ্ঠা ৬১