وذكر أبو عامر الأنصاري وهو عدلي لمجبر : تعال حتى نصدق وننتصف وننصف , أليس يجوز عندك أن يعذب الله رجالا لم لم يكونوا نساء , ويعذب نساء لم لم يكونوا رجالا , ويعذب سودا لم لم يكونوا بيضا , ويعذب بيضا لم لم يكونوا سودا , كما يعذب الكفار _ مع خلقه الكفر فيهم _ لم لم يكونوا مؤمنين , ويكون ذلك منه حسنا وعدلا وإن كان مثل ذلك منا جورا ؟ قال : نعم . قال : فهلا يجوز أن يقول : أهلكت عادا ولم يهلكهم , وأقيم القيامة ولا يقيمها , ولا يكون ذلك كذبا منه وإن كان كذبا منا ؟ فسكت . ثم قال : لا قول أشنع من هذا , لقد عزمت على الرجوع ورجعت عن هذا القول . فقام القوم إليه بالنعال وقالوا : أتوهن مذهبنا وتضعف مقالتنا ؟
وقرأ قارئ قوله تعالى : { فأين تذهبون } , فقال معتزلي يكنى أبا عمران : لو كان الأمر كما تزعمونه يا معشر المجبرة لكان لهم أن يقولوا يذهب بنا , فلم يكن لهذا القول معنى , كما روي أن مجبرا سئل أين تذهب ؟ فقال : لا أدري ! حيث يذهب بي , ثم قال : وهل هذا إلا صفة المجنون ؟ وكما يحكى عن أبى العيناء أن رجلا وقع في الماء فقيل له أين تذهب ؟ فقال السؤال على الماء !
وسئل معتزلي : لم قلت إن الله تعالى لا يضل ؟ قال قوله : { قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن هديت فبما يوحي إلي ربي } فأمره أن ينسب الضلالة إلى نفسه ورضي بهذا القول له مذهبا , أفلا ترضون بذلك ؟ فأنقطع المجبرة .
ونظيره ما يحكى عن بعضهم أنه قال : لزنية أزنيها أحب إلي من عبادة الملائكة ! فقيل له : ولم ؟ قال : لعلمي بأن الله تعالى قضاها علي , ولم يقض إلا ما هو خير لي .
পৃষ্ঠা ২৬