وإذا ما خلا الجبان بأرض
طلب الطعن وحده والنزالا
فإن الجبان يتنمر حين يخلو الميدان، فإذا امتلأ الميدان استحال إلى شيء آخر ، والجرح الصغير قد يكون حافزا على الشجاعة، والإصابة البالغة قد تسبب الجبن، وبعبارة أخرى: هناك وسط يثير إيجابيتنا، وآخر يثير سلبيتنا، وبعبارة أوضح: الاتجاهات يحددها الدافع الداخلي، والوسط يحدد التعبير وكيفيته.
ومن ثم يتضح أنه لبناء الأخلاق بناءا سيكولوجيا، يجب علميا أن نتكئ على شيئين: حسن الاختيار في الزواج، والثاني العناية بالوسط الذي ينشأ فيه طالب الأخلاق.
رسالة الأدب الروسي
لماذا نتحدث عن الأدب الروسي؟ هل له أهمية تقتضينا هذا العناء والتقصي؟ أجل له أهمية بالغة.
فإن الأدب الروسي - في القرن التاسع عشر - ثورة على الاتجاهات الأدبية كما عرفها التاريخ الأدبي، فإننا جميعا نعرف أن الأدب إما جرى في ظلال العاطفة أو في ظلال العقل، أو في مزيج منهما معا.
ولكن الانفصال بين العاطفة والعقل ظل عاملا مهما في أسباب الجمهور الأدبي، وقل في الشعراء أو القصاصين من أمكنة يلائم بينهما، فهما فريقان؛ إما فريق مغرق في الخيال، وإما فريق مغرق في الواقعية، وقد كان المزج بين المذاهب المختلفة ديدن المفكرين والنقاد في العصور الحديثة.
ولكن الروس أفلحوا في إيجاد هذا الانسجام، وزادوا على المستوى الوجداني والفكري مستويين آخرين؛ مستوى الروح، ومستوى الأعصاب، ويمكن أن نقول: إن «تولستوي» أضاف مستوى آخر هو مستوى الحياة؛ أي إن هناك طابعا للوجدان، وطابعا للروح، وطابعا للأعصاب، وطابعا للحياة، وهذه كلها عليها أن تلتئم لتحدث أدبا جديدا.
على أنني أقول: إن المستوى الروحي هو الطابع العام للأدب الروسي، أوجد الابتكار الجديد لذلك الأدب، وإن إضافة الأعصاب كانت من شأن «ديستوفيسكي» والحياة من نصيب «تولستوي».
অজানা পৃষ্ঠা